25‏/03‏/2012

الرمز والطاقة الرمزية في الثورة السورية 7

تناولنا في الجزء الماضي المجموعات المسلحة أو الداعية للتسلح والعسكرة.. واليوم نتناول الاتجاه المعاكس تماما.. المجموعات التي تدعوا الى اللاعنف والنضال السلمي.. وهي مجموعات تتناقص على إيقاع العنف المفرط من قبل النظام والعنف المضاد من الجانب المقابل، حتى لم يبق سوى القابضين على الجمر، المتمسكين بقناعتهم بأن أسرع وأفضل طريقة لإسقاط النظام وأقلها كلفة مادية وبشرية هي النضال السلمي غير المسلح أو العنيف..
إن هذه الأفكار والقناعات بطبيعة الحال غير واسعة الانتشار في المجتمع العربي حيث لا تجد دعما او اساسا قويا من التراث العربي الاسلامي الزاخر بتمجيد القوة والجهاد بمفهومه التقليدي.. و رغم أن الرسول "ص" قد قال في حديث شريف عند رجوعه من احدى الغزوات: عدنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر
ولكنه يبدو –رغم تصدره كتب الحديث- وكأنه حشو بين سطور التراث أو يفسر بطريقة تبعده عن مضمونه أو أنها لا تعطيه البعد الرمزي الكاف للتأسيس عليه فبدى وكأنه مجرد استثناء او نص منسوخ "غير مفعل"
وكذلك لا توجد تجارب مهمة في التراث العربي لنهج النضال السلمي.. وربما كان من الاستثناءات القليلة هي الدعوة الاسلامية في مرحلتها المكية..
لكن كتب التراث تختزلها او تصورها بصورة سلبية كمرحلة من الاستضعاف و الابتلاء وعدم القدرة على الانتشار.. وليس كما تحاول أن تبرزها جماعات اللاعنف بأنها مرحلة التأسيس الاخلاقي والسياسي لمرحلة الانقلاب الكبير ومرحلة الانتشار الفكري الذي يسبق الانتشار المادي
اعتقد أن أهمية الرمزية لمجموعات اللاعنف ستكتشف عندما تدرك الثورة السورية أن قدرها قد أعطاها حالة فريدة بين الثورات في التاريخ.. وأن نجاحها مرهون بالتوازن بين النضال السلمي بكل أشكاله "المظاهرات، الاعتصامات، الاضرابات.. العصيان المدني" والنضال المسلح
وأنا لا أقول ذلك من باب التزلف أو استرضاء جميع الأطراف "فأنا مازلت اعتبر نفسي من دعاة السلمية" ولكني أقول ذلك من قراءتي الشخصية للواقع وتطوره في مسيرة الثورة السورية.. فالسلاح والتسلح لم يعد دعوة بل أصبح واقع على الأرض فرضته الظروف والإرادات غير المقتنعة بجدوى السلمية والهواجس اتجاه قمع النظام.. أو.. و أو.. المهم أنه أصبح واقعا لا يمكن تجاوزه واعتقد أن أفضل وسيلة لذلك هي التوازن بين التسلح والفعل المسلح مع العمل الشعبي السلمي
لكن ذلك يتطلب شرطين أولهما زرع القناعة لدى الطرف المسلح بأهمية وجدوى العمل السلمي والثاني يتطلب من الطرف السلمي إثبات جدوى عمله بإنجازات على الأرض.. وذلك يتطلب الكثير من التتضحية والإبداع والصبر..
ولن ننسى الكثير من الابداعات السلمية في مسيرة هذه الثورة وما كان لها من طاقة رمزية دافعة وملهمة
يتبع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق