سنغير معادلاتنا اليوم كرمى لعيون عمتنا أمريكا
- إن كل رصاصة قتلت واحدا من أبنائنا هي أمريكية.. إن عدونا الاول هو أمريكا.. أمريكا.. أمريكا (هل هذا كان زمان.. أيام الصراع العربي الصهيوني في ذروة المد القومي؟؟! حين قيل هذا الكلام)
- لا أصدقاء دائمين في السياسة، ولا أعداء دائمين.. بل هناك فقط مصالح دائمة
- عدو عاقل خير من صديق أحمق
إذا كانت روسيا صديقنا الأحمق!! فهل أمريكا هي عدونا العاقل؟؟
أم أننا صدقنا أن أمريكا صارت صديق (كما تقول قائمة الحضور في مؤتمر تونس العتيد)
لنستعمل المعادلة الثانية ونقول أن أمريكا لا صديق ولا عدو.. ولنفتش عن المصالح؟ وهل هي وحدها التي تبني الموقف الأمريكي اتجاه سورية؟
لقد كشف كسنجر ما بين سطور مذكراته عن المصلحة الدائمة الرئيسية لأمريكا في سورية وهي –وهذا قد يثير التعجب- بأنها ضمان الاستقرار في هذه البقعة الحاكمة في بناء الاستراتيجات الدولية (وهذا ايضا تعبير للمستر دالس وزير الخارجية المؤسس للاستراتجية الامريكية بعد الحرب العالمية الثانية)
والأغرب من ذلك أن كسنجر يكشف أن ذلك قد أصبح موضع اتفاق مع الاتحاد السوفياتي آنذاك بعد نقاشات مطولة معهم (وهذا الكلام كان في مطلع الستينات أيام كان عضوا في مجلس الامن القومي الأمريكي.. وكانت سورية بالنسبة لتقييمهم غير مستقرة وتشكل مصدر قلق دائم بالنسبة لاستراتيجتها في المنطقة)
لو قلنا ان امريكا هي عدو عاقل سنكون قد ظلمنا الحقيقة.. فتصرفاتها حيال المنطقة من الدعم المطلق للكيان الصهيوني.. وحربها على العراق وافغانستان.. ودعم الانظمة الديكتاتورية.. كفيلة بنفي ذلك قطعا.. ولا اعتقد انها تقل حماقة عن صديقنا الروسي الذي كان موضوع مقالنا السابق
لكن ما يمتاز به الأمريكان حقيقة، هو سرعة القراءة للمتغيرات السياسية والتعامل معها، لدرجة توحي للمشاهد الخارجي أنها وراء تلك التغيرات .. ولديها المرونة اللازمة للتأقلم مع الوقائع الجديدة الى درجة تكون عصية على التصديق أحيانا بالأخص سهولة تخليها عن الحلفاء والعملاء باختلال الدور التكتيكي الذي يصب في إطار استراتيجاتهم (واقرب الأمثلة تخليهم عن زين العابدين وحسني مبارك)
وفي نفس هذا الإطار يمكن ان نفهم تغير موقف الإدارة الأمريكية من النظام السوري الذي حقق الإستراتيجية الأمريكية في المنطقة لعقود.. ولكن هذا لا يعني أنه اكتسب صكا أخضر دائم (غرين كارد)، فبمجرد تيقنها عن عجزه في ذلك أحرقت ورقته دون تردد..
وأنا على ثقة تامة بأن أمريكا لو كان لديها الثقة بنسبة في أدنى حدود المعقول أن النظام السوري يستطيع أن يأقلم وضعه مع المتغيرات الجديدة ويستطيع إعادة السيطرة على الوضع وضمان الاستقرار لما غامرت في إفساح المجال لأي بديل غير معروف.. أو غير مجرب
لقد غيرت أمريكا منذ وقت مبكر نظرية العميل الذي يتلقى الأوامر والتعليمات المباشرة من تجاربها الأولى (وهذا موضح بشكل جلي في كتابي حبال من رمل ولعبة الأمم) الى نظرية العميل الذكي أو المرن.. الذي يحقق الإسترايجيات العامة مع إعطاء حريات واسعة له في تعامله مع وضعه الداخلي و اتخاذ التكتيات التي تناسبه حتى وان لم ترق في كثير من الأحيان للإدارة او حتى لو تصادمت مع بعض سياساتها فقد أيقنت أن ذلك هو الأنجع والأدوم بالنسبة لها.. ولكن بنفس الوقت لا تعطي أية مرونة أو تسامح بالنسبة لما يتعلق باستراتيجتها ومصالحها الدائمة.. وكما قلنا لا صديق دائم في السياسة..
سيقول لي البعض إن أمريكا بموقفها الحالي من النظام هي صديق (ولو كان مؤقتا)
أرد بملاحظة صغيرة لفتت نظري: إن أمريكا حتى الآن لم تقل كلمة يجب إسقاط النظام في سورية.. بل تقول أن على بشار الأسد مغادرة السلطة.. فهل تظنون معي أنه لا فرق بين العبارتين؟؟!!
واختم بما كنت بدأت به: ربي أجرني من أصدقائي...
يتبع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق