09‏/03‏/2012

أصدقاء سورية 4 "الأعدقاء ب "

ما قلناه سابقا عن الأعدقاء الأمريكان  قد لا ينطبق تماما على الأعدقاء الفرنسيين.. بسبب الاختلاف البنيوي بين الدولتين وعدم تطابق المصالح في المنطقة
فالأعدقاء الفرنسيون الذين مازالوا يتاجرون بثورة يدعون أنها أسست للمبادئ الإنسانية "حرية، عدالة، مساواة" ومن بعدها استأنفت مسيرة الاستعمار والتميز العنصري والهيمنة الإمبريالية مدشنة القطيعة النهائية بين فرنسا الثورة وفرنسا الدولة..
فإذا كانت روسيا صديقنا الأحمق وأمريكا عدونا غير العاقل فإن فرنسا هي عديقنا الحائر
فسياستها اتجاه المنطقة غير ثابتة أو محكومة بمعايير واضحة.. فمحتلنا القديم مازال لديه أضغاث أحلام من زمن الاستعمار.. مختلطة برواسب من زمن الثورة وهواجس من مستقبل الدولة العظمى بعد سن اليأس.. يرافقها أزمة بنوية للدولة وأزمة اقتصادية حقيقية لا تبدو قصيرة الأجل..
إن كل ذلك لا يجعلنا متفائلين بدور فرنسي فاعل في المعضلة السورية أو أي ملف من ملفات المنطقة..
ولا ننسى طبعا أن فرنسا كانت أول من قبل بإعطاء التوريث في سورية شرعية دولية باستقبالها بشار في الإلزيه استقبال الرؤساء حين لم يكن له صفة رسمية او منصب حكومي.. وقد روجته أوربييا كذلك وساهمت في القبول الأمريكي أيضا.. وكانت أسرت عبر قنوات غير رسمية لبعض اصدقائها بأن لديها ضمانات لتغيرات ديمقراطية مهمة مقابل ذلك القبول.. لكنها لم تحرك ساكنا عندما قلب بشار ظهر المجن.. ووأد ربيع دمشق 2001 ولم يتغيير موقف العديق الفرنسي من نظامه إلا بعد اغتيال الحريري "ونعلم بعض ملابسات ذلك"
إن صفة العديق الحائر تنطبق أيضا على محتلنا الأسبق "التركي طبعا" بل إن حالته قد تتجاوز حالة الحيرة إلى ما يرقى لانفصام الشخصية.. فما بين الأقوال والأفعال بون شاسع وما بين الرغبات والسياسات على أرض الواقع بون أوسع..
فسياسة تصفير المشاكل مع الجوار التي روج لها أغلو منذ بداية حكم العدالة والتنمية.. اصطدمت بسياسات استفزازية وعدائية من إسرائيل وإيران والأكراد قبل بداية الأزمة السورية.. فالفارق كبير بين الأفكار المثالية والسياسة الواقعية.. وهذا ما جعل من الموقف التركي يبدو بالنسبة للسوريين "المضحك المبكي" في آن معا
ونحن ندرك الآن بأنه لا غنى عن موقف وثقل تركيا في أي حل للمعضلة السورية.. ولا يمكن أيضا الاعتماد على الموقف التركي بوضعه الحالي.. والله المستعان على ما تصفون
من ضمن المواقف المحيرة أيضا مواقف الأشقاء في الخليج بالأخص السعودية وقطر.. فرغم وضوح مواقفها في دعم الحراك الشعبي السوري  الذي يصل حتى حد التسليح.. فإن هناك نقطة ضعف رهيبة لديها تقوم بتصديرها للثورة السورية عن وعي أو عدم وعي.. فهذه جميعا دول غير ديمقراطية أصلا.. فكيف تدعم ثورة من أجل الحرية على تخومها!!!
لقد استخدمت هذه الدول ما يعرف في علم النفس بالتحوير.. وهي تعني في السلوك تحوير القضية التي تثير الخوف لديك عن مضمونها.. وهكذا تحاول سياستها تحوير الثورة السورية من اجل العزة والكرامة إلى صراع طائفي تستطيع من خلاله تجيش الأغلبية السنية في دولها وإعادة التماسك حولها كحامية لهم في وجه النفوذ الشيعي المتنامي لتأجيل مطالب الاصلاح والتغير الديمقراطي "وهي نفس سياسة النظام السوري  أصلا في استخدام الصراع العربي الصهيوني لتأجيل الاصلاح"
كما أنها تحاول أن تضبط إيقاع الحراك لاستخدامه كورقة في الصراع الإقليمي والدولي مع إيران.. وهذا لن يكون في صالح الشعب السوري أو الشعوب العربية قاطبة على المدى المتوسط  والطويل..
ونختم أيضا بما بدأنا به: ربي أجرني من أصدقائي وأشقائي.. أما أعدائي فإني أعرفهم وأنا كفيل بهم
يتبع
    

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق