30‏/12‏/2011

من قاشوش إلى بالوش

منذ بداية الحركة الثورية في سورية انتهج النظام طريقا واحدا ووحيدا في مواجهتها.. وهو طريق العنف المفرط المجرد من أية قيم أخلاقية أو إنسانية أو وطنية.. وهو ما يصطلح عليه في الادبيات الإعلامية باسم (الحل الأمني) وهو لا يرقى إطلاقا لمثل هذا المستوى أيضا.. فأي حل أمني أو عسكري في العالم يجب أن يكون في إطار خطة واضحة لحل مشكلة أو أزمة أو معضلة تنتاب نظام الحكم.. وأهم سؤال يجب أن يطرحه الحل الأمني على نفسه هو (ماذا بعد؟؟؟).. وإن مقياس نجاح أي حل أمني أو عسكري هو تحقيق أكبر قدر من النتائج على الأرض بأقل قدر من استخدام العنف.. والقدرة على الاحتفاظ بأكبر قدر من القدرات المادية والبشرية لتكون قابلة للاستخدام في أوقات الحاجة
ولكن ما حدث ويحدث في سورية هو استخدام مفرط للعنف دون عقل..  دون ضمير..دون خطة واضحة للحل.. دون أدنى قدرة على التحكم بالنتائج.. وهو ما يثير قلق الجميع من حلفاء النظام قبل أعداءه
فلا يوجد في العالم كله حل أمني دون شق سياسي واضح المعالم وأهداف سياسية يتم تقييم النتائج على أساسها.. وهذا يعني أنه حتى في حال استخدم الحل الأمني بأقصى حالاته يبقى السياسي مهيمنا على الأمني والعسكري وإلا يكون النظام قد تحول إلى عصابة غاصبة أو عصابات خارجة عن القانون.. وهذا هو الحال في سورية الآن
فميليشيات الأمن هي الآمر الناهي – كما كانت دائما في نظام الأسد – ولكن بشكل مفضوح يزيده سوءا أنه ليس في عقل رؤوسها إلا فكرة واحدة فقط وهي أنها قادرة على إخضاع الجميع بالقسوة وبإثارة الهواجس (الفوضى، الطائفية، الآمان..) لتجعلهم يعودون إلى بيت الطاعة ورفع الراية البيضاء قابلين بشروط الاستسلام التي تملى من قبل المنتصر.. وبعدها ستتم تسوية مع الاطراف الخارجية للقبول بالأمر الواقع كما حدث في الثمانينات تماما
إن عقلهم لم يستوعب أن مياها كثيرة جرت في النهر خلال ثلاثين عاما.. وأن دماء كثيرة جرت على الأرض منذ آذار الماضي.. وإن عقولهم لم تستوعب أن الأنظمة القمعية تسقط بمجرد سقوط جدار الخوف
وهذا الجدار وان لم يسقط بعد في سورية فقد أصبح فيه فجوات وتصدعات غير قابلة للاصلاح بأي شكل.. وإن ما تفعله هذه العصابات المسلحة المنفلتة من العقل والضمير هو مجرد مضيعة للوقت ورفع للكلفة المادية والبشرية للتغيير الذي تم فعلا على الأرض.. ولكنها بغباء مفرط تضع مصالحها الفردية والفئوية وهواجسها فوق الوطن ومصلحته وهي تعتقد أنها بذلك تتجنب مصيرا أسودا دون أن تدرك أنها  تجر البلاد في طريق خطير ستدفع فيه هي أيضا ثمنا باهظا وأنها تنتقل من هواجس مصير محتمل إلى حقائق مصير محتوم
فالحل العنفي الذي بدأ اقتلاع أظافر اولاد درعا لانهم كتبوا.. وقطع حنجرة إبراهيم قاشوش لأنه غنى.. و تعذيب غياث مطر لأنه وزع الورود.. وتكسير اصابع فرزات لأنه رسم.. فإن النهاية المحتومة لذلك هي ظهور الطالب عمار بالوش الذي تعرض لإهانات وامتهان الكرامة في كليته من قبل الشبيحة والأمن بعد قتل أفراد من أسرته في اجتياح عسكري لبلدته (رنكوس) فاستل مسدسه وأطلق النار عليهم في قلب جامعة دمشق انتقاما لكرامته ولكرامة الشعب السوري..
فهذا هو حصاد الحل العنفي الذي زرعه النظام وشبيحته في كل ركن من أركان الوطن
وبالنتيجة النهائية له، فإن قاشوش لم يمت بل يولد كل يوم في ألوف الحناجر.. وبالوش لن يكون الأخير.. وسيولد مع كل امتهان لكرامة الشعب السوري ألف بالوش..
أليس منهم رجل رشيد؟؟!!

هناك 3 تعليقات:

  1. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف
  2. الله أكبر عالظالم ,,,كلنا عمار بالوش ,,الله يحميه ويحمي كل أحرار رنكوس

    ردحذف
  3. ياالله عجل نصرك يالله .ياالله عجل نصرك يالله .ياالله عجل نصرك يالله .

    ردحذف