09‏/12‏/2011

مجنون يحكي...

لا شك أن إتاحة المجال لبشار لمخاطبة الرأي العام الأمريكي كان من باب الفرص الممنوحة لإنقاذ النظام وكنا قد أشرنا سابقا أن عماد مصطفى – وهو معروف بعلاقاته الجيدة مع اللوبي الصهيوني وبعض الجهات الإعلامية الأمريكية- يقوم بدور كبير اثناء وجوده في دمشق -بعد سحبه من السفارة في واشنطن- في سبيل إعادة تحسين صورة النظام أمام الرأي العام الأمريكي عن طريق شركات علاقات عامة وجهات إعلامية نافذة في أمريكا وكان ذروتها اللقاء مع بربارا مؤخرا
لكن الرياح جرت بما لا يشتهي النظام.. فأي محلل يفهم المؤثرات على الرأي العام الأمريكي، يدرك أنه قد ارتكب أخطاء قاتلة في محاولة إعادة انتاج صورته
فأهم مؤثر في رسم صورة الزعيم لديهم هو إظهار القوة والحزم، ومعروف أن فشل كارتر في إظهار هذه الصورة كان السبب في هزيمته أمام ريغين، وقد كان قبول بشار أن يجلس في مقعد الاتهام، ومحاولته اليائسة للدفاع عن نفسه كمتهم –ومن المفترض أنه رئيس دولة - خطأ مدمر.. وقد بدى مهزوزا.. ورسم الصورة المعاكسة وكأنه لا يسيطير على الأمور ولا يسيطير على القوات والمقدرات الحكومية (حسب تعبيره).. وادعاءه أنه لا يعلم بكثير من الأمور المهمة التي عرضتها عليه بمثابة تنفيذ حكم الإعدام السياسي
ثاني مؤثر من حيث الأهمية لدى الرأي العام الأمريكي هو قدرة الزعيم على إبداء التأثر بالمواقف الإنسانية ومدى إظهار العاطفية والحميمية اتجاهها.. و تكتسب تعابير الوجه الأهمية الأولى في ذلك –ومعلوم أن إخفاق بوش في ذلك سبب انهيار شعبيته- ولو كان هناك تقيم لبشار لنال صفرا مكعبا.. فلم يبدي أي تأثر أمام الصور التي عرضتها عليه بل ابدى ابتسامة بلهاء غير مبالية رغم انه من المفترض أن يكون قد سمع بالانتقادات اللاذعة في الغرب لزوجته لعدم ابداءها أية مشاعر او تأثر حيال الصور المشابهة التي عرضت عليها قبل أيام
لقد فشل فشلا ذريعا، فالصورة الافتراضية للزعيم في الغرب وبالأخص أمريكا هي مزيج من القوة والحزم مع العاطفية والإنسانية حتى لو كانت متصنعة أو تمثيلية أحيانا
المؤثر الثالث:  الشفافية والمصداقية، وهي تعني قدرة الزعيم على الإقناع بأنه لا يخفي أية معلومات او وثائق أو أخبار عن الرأي العام، وبمدى قدرته على توافق التصرفات والممارسات مع الأقوال.. وقد كان لمحاولته إنكار معرفته بقصة قاشوش رغم محاولة بربارا التأكيد عليها، وعدم اتخاذ أي إجراء ملموس حيال قضية علي فرزات رغم اعترافه بمعرفتها مدمرا لكليهما
لقد أراد بشار من سعيه لهذا اللقاء إثبات أهليته السياسية.. لكنه بالنتيجة قد خلق شكوك حقيقية حول أهليته العقلية!!!
يعني صدق عليه المثل: مجنون يحكي...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق