15‏/08‏/2013

الاساطير المؤسسة للعقل العربي 6


"ابن عباد وكتلة الحياد السلبي"

طالت الحرب بين تغلب وبكر سنين، وكأنه قلبي عم يقول لي هلق أنه المهلهل من جهة وجساس من الجهة التانية، كانوا مستمتعين بهالحرب وصارت حياتهم وسلطتهم وهيبتهم.. وحتى تفكيرهم مرتبط فيها وباستمرارها.. ولا واحد منهم كان عنده الاستعداد يتنازل عنها، يمكن لأنه كان احساس كل واحد منهم أنه نهايته من نهايتها!!

بس بين هالاتنين "أبطال المسرحية التراجيدية العربية اللي طالت فصولها ومشاهدها" اللي كانت الأضواء مسلطة عليهم بشكل أساسي كان فيه بزوايا المسرح المعتمة الكتير من الناس من الطرفين صاروا كرهانين هالحرب وقرفانين عيشتهم من وراها، وكان احساسهم أنه هدا الموضوع زاد عن حده، وأنه ما إله آخر بهدا الشكل! وأنه الموضوع ما عاد إله معنى وإنه صار شي قريب من جنان العظمة للبطلين..

بس كمان بهداك الوقت ما كان من السهل أنه حدى يحكي أو يبوح بهي الهواجس والمشاعر لأنه القبيلة بحالة حرب، وأنه هدا رح يتفسر بأنه "إضعاف للروح المعنوية للقبيلة زمن الحرب" أو محاولة "للإضرار بالوحدة الوطنية للقبيلة"..

ومتل العادة الرواة والحكواتية اللي دونوا الخطوط الناظمة لعقلنا العربي اعتبروا أنه هدا شي على الهامش وما وقفوا عنده وكأنه شي ما إله قيمة قدام المشاهد المثيرة "الشو" تبع الحرب و"كاوبوي العرب" تبع رعاة الإبل

مشان هيك يمكن ما نلاقي عن هدا شي كتير من الشواهد!!! مجرد تناتيف حكي بين السطور هون وهنيك!!!

طبعا هدا كان الوضع بين القبيلتين المتحارتين بكر وتغلب، بس شو كان وضع باقي القبائل المنتمية لنفس الجذر القبلي؟

أكيد مثير للملاحظة، أنه شلون ضلوا ساكنين كل هالوقت؟.. وعم يتفرجوا على أبناء عمومتهم عم يدبحوا بعضهم سنين!!

وكأنهم عم يتفرجوا على فيلم سينما أو نشرة أخبار عن نيكارجوا!! "أو عن وادي تهامة مثلا لأنه أكيد بني وائل ما كانوا بيعرفوا نيكارجوا!"

أكيد ابن عباد صاحب مقولة لا ناقة ولا جمل مو فجأة انتخى وساوى مبادرة السلام الشخصية! أكيد أنه صار ضغط –حسب الشكل الطبيعي- من أطراف مختلفة من المتحاربين والمستائين من استمرار هالحرب

بس بعد سنين من الحياد السلبي المطلق، ويمكن حتى الانفصال عن الواقع الجديد اللي ساوته الحرب، شطح شطحة كبيرة، فبعت ابنه وائل مع وفد إلى المهلهل وارسل له: أنه إذا بيشفي غليلك وثأرك لكليب أنه تقتل ابني فأنا مسامح فيه ومتنازل عن دمه..

ما قدّر ابن عباد أنه توغل المهلهل بهذه الحرب المجنونة خلاه يوصل لمرحلة من الجنون ممكن يتوقع منه أي شي!

أكيد أنه ابن عباد حط احتمال لو ضعيف جدا أنه يقتل ابنه، وإن كنت استبعد انه فكر هيك! يمكن بنى حساباته أنه هدا زعيم و رجل دولة.. "قصدي رجل قبيلة"! وما رحت يساوي هيك تصرف، وأنه هيك رح يستحي ويرجع لعقله..

وحتى بعد قتل ابنه، ما قدر يشوف الواقع متل ما هو بكل بشاعته!!!

فبعت رسالة للمهلهل، قال له فيها: إذا كنت قتلت وائل بدم كليب، ورح تنهي هالحرب فأنا راض ومسامح..

وبصراحة، أنا أشك بنسبة تسعة وتسعين بالمية "اللي بينجحوا فيها زعماءنا" أنه المهلهل قتل وائل لأنه ما نسي أبدا أنه أبوه هو أكتر من حاول الوساطة قبل ما تبدى الحرب، وهدا فسره المهلهل أنه اصطفاف صريح مع أعداءه، وما شفع له أنه وقف هو وقبيلته على الحياد سنين!!!

مشان هيك لا حدى يسألني ليش أنا متفهم كل الناس اللي بتخاف من الانتقام المجنون للسلطة، رغم أنها كانت اقرب للحياد أو العطالة!!! ... وعقلنا الباطن متخم بمتل هيك حوادث!

والمهلهل جاوب ابن عباد: بأنه قتل وائل مقابل شسع نعل كليب. "يعني بالعربي فدا كعب صباطه.. هدا لو كان عنده صباط أصلا!"

هون بس فاق ابن عباد من سباته وطلع عن صمته، وصرخ: "لُقّحتْ حربُ وائل عن حيالِ.."

بس بعد إيش؟؟ بعد خراب مالطا!!! قصدي بعد خراب البصرة.. لأنه مين كان بيعرف مالطا وقتها.. بعدين ليش لنفاول عليهم.. عنا خربانة خربانة!!

تصبحوا على خير ولما تصحوا فيه حلقة جديدة

يتبع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق