06‏/08‏/2013

الأساطير المؤسسة للعقل العربي 2


"البسوس ونزعة التمرد"

حكينا بالحلقة الماضية عن انبهار كليب بالتجربة اليمنية السعيدة وحلمه بنقل هالتجربة لمضارب قومه.. وبالنسبة إلي شخصيا أنا مصدق أنه كليب كان مقتنع بحلمه تماما "في البداية على الأقل".. ولولا هيك ما كان قدر يقنع الناس فيه، أو يجبرهم السكوت عليه "الله أعلم"

بس بالنهاية، السياسة ما بتعترف بالنوايا والأحلام.. وإذا صدقتها أو أعطتها فرصة فبتكون أقصر بكتير مما يتخيل صاحب المشروع.. لما يصير صاحب سلطة

الناس بدها نتائج تشوفها وتحسها على الأرض، وإذا ضلت الإنجازات مجرد قصائد شعر وشعارات.. وجرش حكي، فبتبدى حركة التململ، ثم يتلوها حركة التذمر.. وإذا ما قمعها النظام "لو كان ديكتاتوري" او عدّل وضعه "إذا كان ديمقراطي" فيمكن تتحول لحركة تمرد.. وكل حركة تمرد لازم يكون إلها رأس حربة يجاهر بهدا التحدي

وفي تلك المضارب كان في فيه وحدة اسمها البسوس، كنت مفكرها عجوز شمطاء من غابر التاريخ، أشعلت حربا ضروص، وقعدت تضحك وتقهقه، وما كنت عارف أنها ساكنة بزاوية مظلمة من زوايا رأسي

وأظن أن البسوس ظهرت بالرواية مو فجأة، ولكن بعد حركة تململ ثم تذمر من مجتمع بدوي ما كان عنده مشكلة يروح عالحرب او عالسلم –بدون مناقشة- ورا قرار سلطة "فردية" بس عنده مشكلة أكيدة بالانصياع لقواعد وقوانين تحد من حركته اوتلزمه بسلوك معين

والبسوس كان عندها ناقة واحدة بس، وحسب ما ذكرته قناة الجزيرة بأنها كانت ناقة عجفاء جرباء ما تسوى فلسين، أما قناة العربية تقول: أنها ناقة عفية جميلة ليس لها مثيل في جزيرة العرب!

وما بعرف إذا كان مجرد كيد نسوان عجايز بس خلاها ما تحب ترعى ناقتها إلا بالمرعى الملكي "المحرم" وإلا هي نزوة الإنسان الأبدية بالتمرد على المحرّم من لحظة آدم وحوى

وإلا هي الفعل الطبيعي لتحدي سلطة فقدت القناعة بشرعية وجودها أو جدواها.. والإحساس أنها سلطة محتكرة منحازة وغير عادلة.. ولا مؤتمنة على الحاضر او المستقبل

ويمكن سياق الاحداث التالية بيفسر كم كان الاحتقان كبير بين الطرفين اللي خلى الأمور تروح لحرب دامية بأسرع مما حدى اتخيل!

وهكذا قال الراوي يا سادة يا كرام نقلا عن قناة الجزيرة: أن كليب قد خاف على نياقه –اللي هي ثروة وطنية- من الجرب المتغلغل في ناقة البسوس وبعد ان وجه لها الكثير من الدعوات لسحب ناقتها من المرعى الملكي لكنها رفضت التجاوب مع دعواته مما أجبره على التخلص منها حرصا على الثروة القومية، وقد استخدم تقنبة القتل الرحيم لعملية الانقاذ الوطنية..

أما الراوي الذي نقل عن العربية: أن كليبا أول ما رأى ناقة البسوس في مرعاه المحتكر استعرت الغيرة في قلبه واشتعل الغضب والحقد.. فأطلق عليها سهما مسموما في ضرعها العفي، فجعل اللبن مختلطا بالدم الذي سال على رمال صحراء العرب..

والحقيقة ان سهم كليب قد خلط أيضا كل الأوراق..

يتبع
 

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق