من الأشهر الأولى للثورة تتواتر أنباء مسربة من خلف الطوق الحديدي عن دور مهم لأنيسة مخلوف في اعتماد وتصعيد الحل الأمني في مواجهة الحراك الشعبي.. ويعتقد أن لها دور كبير في تماسك الحلقة الضيقة لصناعة القرار في سورية وهي التي تصر على اقتصارها على ابنيها ماهر وبشار وابنتها بشرى وزوجها آصف شوكت وأخيها محمد مخلوف وولديه رامي وحافظ.. وبالطبع هي الحلقة المحورية في هذه التركيبة.. وهي أكثر من يتمثل تجربة الثمانينات وتدفع باتجاه تكرارها ثانية.. ويدعم هذا التوجه المستشارون الأمنيون في القصر (هشام بختيار ومحمد ناصيف..) وقادة الأجهزة الأمنية (مملوك وقدسية والحسن..) وجميعهم ابناء تلك التجربة المريرة للشعب السوري
طبعا لا شيء مؤكد في ظل التعتيم الكثيف حول هذه الحلقة بالأخص عروتها الأوثق (أنيسة ) التي لا يكاد الكثير من السوريين يعرفون صورتها لقلة ظهورها او لقاءاتها المحصورة ضمن الحلقات الضيقة.. لكن ونتيجة الأحداث الأخيرة والتسريبات المتواترة عن دورها أصبح تأثيرها معروفا.. وليس غريبا أن يهتف المتظاهرين في كثير من المواقع ضدها وباتوا يطلقون عليها لقب (أنيسة الخسيسة)
إن الإشاعات ليست دائما صحيحة أو دقيقة، لكنها بالتأكيد ترسم ملامح المشهد العام، والتاريخ كم يروي من أحداث متشابهة إلى درجة قد تكون مدهشة.. واليوم كم هو مدهش هذا التشابه بين مشهد سورية اليوم وفرنسة زمن الثورة الكبرى في كثير من مناحيه رغم الفارق الزمني.. وهذا التشابه بين بشار مع لويس السادس عشر وانيسة مع امه وزوجته أسماء التي ذكرتنا إطلالتها منذ أيام في ساحة الأمويين بفراء أبيض فاخر جدا وقبعة سوداء أفخر.. بماري أنطوانيت التي ربما تكون إشاعة ما نقل عنها لحظة اندلاع الثورة: (لماذا لا يأكلون الكيك!؟) لكنها أكيد كانت تعكس مدى انفصال أهل الحكم جميعا (الطبقة الأرستطقراطية) عن الواقع حينها..
إن ابتسامة أسماء العريضة في ساحة الأمويين التي تتناقض كليا مع واقع سوري مليء بالمآسي من شهداء وقتلى ومشردين ومعتقلين هي ترجمة حرفية لمقولة انطوانيت الشهيرة للهجة السورية
ولمن لا يعلم، أن ماري انطوانيت لم تكن فرنسية ولم تعش في فرنسة – مثل أسماء- وكانت متعلمة ومثقفة ومن أسرة ملكية أرقى، وقد اختارتها ام الملك لتجميل صورة الأسرة المالكة الفرنسية آنذاك، لكنها عندما وضعت في تلك المنظومة الفاسدة المنحلة ماذا كانت النتيجة؟!!
عندما قابلت مجلة أجنبية أسماء قبل أشهر و طلبت منها تعليقا على مشاهد القتل اليومي في سورية لم تنبس ببنت شفة، بل إن الصحفية قد صعقت لأن وجهها لم يبد أي تعبير كأنه قناع من مطاط.. لذلك فقد أصبحت أدبيات الثورة تسميها (أسماء الخرساء) وهي أكبر دليل بأن الأنظمة الفاسدة لا تنفع فيها أكبر عمليات الترميم أو التجميل.. ففي ساعة الحقيقة تبدو المواقع المجملة بأنها الأكثر قبحا وإحباطا.. فلا فائدة من أية محاولة.. وقد استغرق الشعب الفرنسي أربع سنوات كاملة من 1789 إلى 1793 للاقتناع التام بهذه الحقيقة وإعدام لويس وانطوانيت بالمقصلة وانهاء الحكم الوراثي للأبد.
واليوم نحن في عصر السرعة والميديا وثورة الاتصالات.. وقد مرت عشرة أشهر، فماذا ينتظر بشار في متاهته؟!
فبين (أنيسة الخسيسة) و (أسماء الخرساء) يسقط كل يوم عشرات الشهداء ومئات السجناء.. وأنهار من الدموع و كسرات من الخبز تشحذ آلاف المقاصل.. والتاريخ لا يكرر نفسه مرتين.. ولا يرجع الى الوراء أيضا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق