لاحظت لما قرأت مذكرات كسينجر بالأخص وبقية الكتب الأمريكية اللي تناولت صناعة القرار السياسي في امريكا متل "لعبة الأمم، حبال من رمل، مذكرات نيكسون.." أنهم كلهم تقريبا بيركزوا كتيرعلى نقطة مهمة جدا ولو أنها ممكن تبدو سخيفة بالأخص للقارئ العربي ويمكن يمر من فوقها مرور اللئام
وهي النقطة اللي لفتت نظري - وأنا باعتبرها مهمة إلنا بالأخص بهالمرحلة- هي تركيزهم وبالتفصيل الممل على ساعات اتخاذ القرار بالأخص في الأزمات الكبرى متل أزمة الصواريخ الروسية في كوبا.. وقرار إنهاء حرب فيتنام.. إعادة العلاقات مع الصين وغيرها.. فبتتواتر الرويات عنهم عن متخذ القرار (الرئيس) في الساعات الأخيرة قبل اتخاذ القرار أنه كان بحالة "ريلاكس" استرخاء تام!! فمرة بيذكروا أنه كان عم يلعب البلياردو.. ومرة بيقولوا كان عم يتمشى بمنتجع كامب ديفيد.. أو عم يتسبح عالبحر.. او عم يتشمس عالشط.. يعني شي ما بسهولة ممكن يفوت بمخنا نحن العرب!!
بس كمان لما منقرأ عن إدارة الأزمات منلاقي أنه أهم شي لازم يكون متوافر باللي بدو يدير الأزمة أنه ما يكون منفعل بها او غارق بتفاصيلها لدرجة ما تخليه يشوف المخارج او يقدر يرسم الاستراتيجيات لحلها..
بس كمان، ومشان ما نفهم الموضوع غلط، هي الكتب بتعطي تفصيل لكيفية دراسة القرار و مجهود فرق العمل والرئيس فيها.. فاتخاذ القرار بيمر بمراحل أولها جمع المعلومات وهدا بيتم عن طريق جهتين هما السي أي أيه عن طريق عملاءها ووزارة الخارجية عن طريق سفارتها.. بعدها بيتم تحليل المعلومات ومقاطعتها للوصول لأقرب صورة للواقع وهدا بيساويه فريق العمل المكلف بالملف.. بعدها بيتم دراسة كل الاحتمالات بضوء المعلومات المتوفرة وكل البدائل وهون بيدخل جهاز مستشار الأمن القومي والبيت الأبيض.. وبيتم مناقشتها باجتماعات مكثفة بيستعنوا فيها بجهات مختلفة حسب طبيعة الأزمة (البنتغون، المالية، إف بي أي..)
بس وقت بيكتمل هدا الشغل وبيصير الوقت اللي لازم الرئيس ياخد قراره النهائي بينسحب من المعمعة وبيروح مكان بعيد عن الضغط بياخد ريلاكس ليقرر
هلق ليش اتذكرت وذكرت كل هالتفاصيل المملة؟؟
بصراحة لأني حاسس بالفرق الهائل بين الشي اللي بيتوفر لصناع القرار عندهم وعندنا بالأخص بهالمرحلة اللي عم تمر فيها سورية بأعقد و أصعب أزمة في العالم، وهي مخلية صناع القرار بالغرب مع كل أجهزتهم ومخابراتهم وخبراءهم بحالة حيرة وتخبط، وهمة قاعدين برى الدوامة
أما الناس اللي مفروض إنهم يديروا الأزمة من القيادات السورية واللي مطلوب منهم يتخذوا قرارات من أصعب القرارات بتاريخ أي سياسي سواء من قيادات المجلس الوطني أو من هيئة التنسيق الوطنية أو من قيادات الحراك الثوري على الأرض فهمة كلهم محطوطين بجو متل كأنهم بطنجرة البخار اللي ممكن تنفجر بأي لحظة.. ومطلوب قرار قبل فوات الآوان وجرس الإنذار عم يرن
ضغوط من النظام ضغوط من الشارع ومن واقع متسارع.. ضغوط من العرب ضغوط من الغرب ودول الجوار.. وكل هدا مفهوم لسى بس اللي مو مفهوم هو الضغوط اللي عم تمارسها على بعضها البعض.. فشلون بده يطلع القرار بهدا الجو؟!!
وبين هالضغوط الأطراف التلاتة مو قادرة تشوف أنه كل واحد في بإيدوه جزء من الحل.. الشارع بإيده التفويض الشعبي بس ما فيه جهة سياسية بتتعامل مع شارع.. وهيئة التنسيق عندها طرح سياسي ناضج بس ما عندها تمثيل أو تواصل مع الشارع اللي ما ملاقي وقت ليفهم تخوفاتها وحساباتها السياسية إضافة لإنه معظمهم على المعاش.. اما المجلس الوطني عنده دماء جديدة وعنده تواصل أكتر مع الشارع بس توليفة مو متجانسة وطروحاته ملتبسة وكل مين عم يغني بواد وأسوأ ما فيه أنه عامل على مبدأ ما يطلبه الجمهور وبدل ما يسعى لتوجيه وقيادة الشارع عم يصرخ ليل نهار نحن صدى
أنا رغم كل هاد ما قادر لوم حدى منهم، وشايف أنه كل منهم عم يحاول يساوي أحسن ما عنده بس هو تحت ضغط هائل فالشارع تحت ضغط القمع الوحشي للنظام ونتيجة ألعاب النظام أسلوبه القديم التشكيكي مخليهم متوترين وفاقدين الثقة اللازمة بأي قيادة وخايفين من الركوب على تضحياتهم.. وهيئة التنسيق تحت ضغط تاريخهم النضالي والإيديولوجيات القديمة المتكلسة والهواجس اتجاه الغرب ومعارضة الخارج واللاعبين الجدد.. والمجلس الوطني تحت ضغط تناقضات تركيبته وضغط التهجير القسري.. والرغبة بخدمة الثورة بأي شكل وضعف الخبرة السياسية..
وإضافة لكل هدا فيه تحريض إعلامي رهيب على الأطراف التلاتة مخلي أي تصرف أو تصريح متل برميل البارود.. والسياسة ما ممكن تكون بهدا الشكل بالأخص بحالة أزمة
برجع من مكان ما بديت – وأنا عارف أنه اللي رح قوله صعب بالواقع الحالي- نحن بحاجة لريلاكس – سياسي طبعا – يعني نخفف هدا التوتر للحد الأدنى ونتطلع للصورة الأشمل.. ولازم نقتنع أن ما حدى رح يقدر يتجاهل تضحيات الناس على الأرض لإنها موثقة.. ولا حدى يخاف على تاريخه لإنه بعد ما تهدى الأمور كل شي محفوظ.. وما نحمل حالنا مسؤولية اكتر من اللازم اتجاه التدخل الدولي لإنه إذا بده يصير فما رح يكون لإنه نحن طلبناه رح يصير لإنه مصالح الغرب بتقتضيه.. ولازم يكون عندنا القناعة الكاملة أنه الشباب اللي عم يطالبوا بالتدخل الغربي هلق همة حيكونوا أول مقاتلين ضده إذا تجاوز على السيادة او الكرامة السورية
ولا حدى يخاف انه ما يلاقي إله مكان بسورية الديمقراطية بالأخص من المهجرين لأنه البلد بيوسع الكل وبالعكس أنا بتوقع أنه رح يكون عندنا نقص بالكوادر السياسية والتكنولوجية مو فائض بالأخص بمرحلة إعادة بناء الدولة
واعذروني على الإطالة والبرود، فالبرود جنون.. وجحا مجنون الثورة، وبيحق له يقول اللي بده اياه بدون مؤاخذة.. سامحونا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق