07‏/10‏/2011

الرمز والطاقة الرمزية في الثورة السورية ج 1


ان أي ثورة أو حركة سياسية تكون في أمس الحاجة إلى رموز وطاقة رمزية دافعة تستطيع ان تخلق الإلهام.. وتستطيع ان تحرك مشاعر الجماهير و أقدامهم سيرا إلى الأمام وصعودا إلى الأعلى في مسيرة الحركة أو الثورة..
وكلما زادت الرموز أو ازدادت الطاقة الدافعة لها تكون أكثر فعلا وتأثيرا..
ففي الثورة المصرية كانت الطاقة الرمزية لحادثة الشاب خالد سعيد من أهم عوامل التعبئة.. وكانت الطاقة الرمزية لحادثة البوعزيزي الصاعق المفجر للثورة التونسية.. وفي حين تفتقر الثورة اليمنية –على عظمتها- لمثل هذه الطاقة الرمزية، فإن الثورة السورية هي الأغنى والأزخر.. وربما يرجع ذلك لسببين: أولهما: الظروف الصعبة التي انطلقت وسطها هذه الثورة.. وثانيهما: حماقة النظام.. فكما قال احد الثوار المصريين ان اهم عامل من عوامل نجاح الثورة المصرية كان حماقة النظام.. وكما قال الشاعر:
لكل داء دواء يستطب به   الا الحماقة اعيت من يداويها
ان اول رموز الثورة السورية كانت طل الملوحي المدونة الشابة التي اعتقلت قبل اشهر من الربيع العربي.. ولسبب غير معلوم وبحماقة لا متناهية قام النظام وأجهزته الأمنية بالذهاب في الموضوع إلى الحدود القصوى.. بتحويلها إلى قضية عمالة لدولة معادية.. وطرزوها باتهامات تمس العرض والشرف.. مما حول الفتاة من مدونة معروفة على مستوى محدود بين الناشطين على الانترنيت الى قضية رأي عام تطال موضوع الحرية وحرية الرأي والنشر.. واستقلال القضاء.. وأصبحت طل معروفة وتقرأ من قبل قطاع واسع من السوريين، واصبحت رمزا للحرية وملهما لجيل كامل من الشباب الذي فتح عينيه على معطيات وتقنيات لم تكن متوفرة لمن قبله من الاجيال
 وأصبحت سورية بين العواصف.. جاءت قضية أطفال الحرية في درعا.. التي كانت الصاعق الذي فجر براكين الغضب المتراكم لعقود.. وإذا كان البعض حاول في البداية ان يصوره على انه خطأ شخصي من عاطف نجيب فإنني أكد أجزم أن ذلك كان سياسة الأجهزة الأمنية باتفاقها مع النخبة الحاكمة في دائرتها الضيقة.. ولو كان غير ذلك لوجدتم عاطف نجيب الان إلى جانب الزعبي وغازي كنعان وقائمة المنتحرين بثلاث رصاصات في الرأس..
ولكن اعتقد ان الخطة التي اجمعت عليها الأجهزة الأمنية هي توجيه ضربة قاسية جدا – أكثر من المعقول- بحيث تقطع الطريق على أية محاولة للتغير خارج إطار الحدود التي رسمها النظام.. ولم يدر في ذهنهم أي خاطر بأن تذهب الأمور إلى ما ذهبت إليه من بعد.. وربما اقصى ما كانوا يتخيله انه ممكن استجرار منطقة او مجموعة لمواجهة مبكرة قبل اكتمال او نضوج حركات او اطر تنظيمية تستطيع قيادة او تنسيق حركة احتجاج واسعة ومن الواضح من أداء النظام في الأيام الأولى الثقة المفرطة لديه على حصر الموضوع وانهاءه.. ولكن كان ما كان وتحول أطفال درعا إلى رمز ذي طاقة هائلة أشعرت قطاعات واسعة من الشعب السوري بالخوف على المستقبل في ظل هذا النظام وهو الذي مكن من نقل الاحتجاج خارج حوران وستبقى الثورة السورية مدينة لكلمات نقشها أطفال الحرية على جدار التاريخ
يتبع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق