تناولنا في الجزئين الماضيين الرموز الأكثر تأثيرا (طل الملوحي، حمزة الخطيب، إبراهيم قاشوش، غياث مطر..) ولكن أيضا كان هناك اسماء أخرى أثرت بدرجات مختلفة أو في مراحل معينة.. في رأسهم السيدة سهير الأتاسي وهي سليلة أسرة عريقة في التاريخ السياسي السوري.. وابنة مناضل قومي كبير.. والأهم انها ابنة حمص (عاصمة الثورة السورية).. تستحق لقب قديسة الثورة لأنها حملت الجذور الجميلة منذ الاعتصام المفتوح برفقة مجموعة من الشباب والشابات تضامنا مع انتفاضة الأقصى وما كان فيه من وسائل سلمية معبرة مثل لصق الأفواه تعبيرا عن تأثير القمع في تقصير الشعوب العربية في نصرة قضية فلسطين.. وكذلك ربط السلاسل.. وإشعال الشموع، وهو التعبير الذي استمر في حركة سهير اثناء الحرب العدوانية على غزة، وفي اعتصامات التأييد للثورة المصرية.. أما في المظاهرة -الصغيرة عدديا - أمام السفارة الليبية عند انطلاق ثورتها والتي أثارت جنون النظام وتعرض المشاركين فيها ومنهم سهير للاعتداء اللفظي البذيء.. وفي المظاهرة الانتحارية التي تمت أمام وزارة الداخلية في 16 آذار 2011 للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين.. وتعرضت سهير للاعتداء بالضرب واعتقلت على أثرها.. وقد ظهرت بعد الافراج عنها في عدة فيديوهات مؤثرة.. فهي أحد أهم رموز الإصرار والاستمرارية.. والسلمية
الفتاة التي ظهرت بجاكيت كحلي وإشارب أبيض تلف على كتفيها علم سورية في فيديو من أشهر ما انتجته الثورة لأنه كان البداية الحقيقية يوم 15 آذار بعد عدة دعوات فاشلة..
كانت مجهولة يومها لمعظم السوريين وكانت توصف بذات الجاكت الكحلي في الادبيات الأولى وقد أطلقت عليها لقب (ست الشام) في مقالي الثورة السورية والمجاهيل.. والآن تطلق عليها بعض المواقع لقب (زهرة سورية) لأنها كانت بداية الربيع..
أعاد اعتقالها منذ اسابيع إنعاش ذاكرة السوريين ببدايات هذه الثورة مما يؤكد أنها أصبحت رمزا مهما وستبقى مرتبطة بلحظة الولادة
وعلى ذكر الولادة والحمل يحضر إلى ذاكرتنا يوم 16 آذار ومظاهرته خارقة الشجاعة.. يومها توارد نبأ اعتقال امرأة حامل من ضمن من اعتقل ثم علمنا لاحقا أنها السيدة ميمونة العمار زوجة الناشط أسامة النصار وابنة الناشط الدكتور محمد العمار.. فكان هذا الجنين أصغر سجين في تاريخ هذه الثورة وصار أسير المحبسين.. وفي هذه الثنائيات العجيبة ان زوجها ووالدها قد اعتقل كليهما مرتين خلال الثورة.. فهذه عائلة تستحق ان تكون من رموز الثورة ومن قصصها التي تروى..
ليلة 14 آذار بث على الإنترنيت فيديو لشاب يدعوا للخروج والتظاهر على نفس منوال الثورة المصرية.. وكانت الشجاعة أنه ظهر بصورته دون اي محاولة للتمويه او التخفي وعرف باسمه الكامل (فهد .. النجرس ) وأكد انه يتحدث من داخل سورية.. وكان واضحا انه يعلم تماما ماذا قد يكون ثمن ذلك ولكنه يقدم عليه ويتمنى حتى في حال اعتقاله او تصفيته ان لا يدعو ذلك للتأثيرعلى معنويات الشعب ومطالبته بالحرية التي من المؤكد أن لها ثمن يجب دفعه.. وقد وجه نداءه لجميع فئات وطوائف الشعب السوري.. ودعا ابناء العشائر وقد عرف نفسه كابن لأحد الشيوخ أن لا يستكينوا لرأي الشيوخ المسيطر عليهم من قبل السلطة بطرق مختلفة.. وأن يخرجوا من إطار العشائرية إلى الوطنية..
لم يكن الفيديو محكما او احترافيا.. لكنه كان اختراق مهم على أكثر من محور معا ويستحق صاحبه وقفة تقدير غير قصيرة.. ويستحق لقب (فارس الثورة)
سندريلا الثورة السورية.. الفتاة التي أضاعت شحاطتها أثناء اعتقالها في المظاهرة التي تمت في ساحة عرنوس في قلب دمشق وظهرت في الفيديو الشهير الذي ابدى مدى العنف والامتهان من قبل القوى الأمنية أثناء الاعتقال وقد كان اول فيديو مصور بكاميرا مخفية من مسافة قريبة وواضحة.. وقد عرفنا أنها الناشطة النسائية ملك الشنواني
وكانت الأهمية في ذلك الحدث.. أنه أكد اختراقين مهمين في رواية النظام التي كانت حريصة عندها على التأكيد على خلو دمشق من أية حركة.. ومحاولة لحصر الاحتجاجات بفصيل يصفه بالتطرف الاسلامي.. وقد أثبت الزمن تهاوي رواية النظام وأمانيه.. وأوهامه
مي إسكاف كانت غائبة عن الساحة الفنية لفترة طويلة لأسباب كانت غير معلومة قبل انكشاف الستار.. وكانت أول معتقل طوعي في الثورة حيث أصرت على ركوب الحافلة التي اعتقل فيها ثلة من الفنانين والمثقفين في بداية مظاهرة كانوا يعتزمون اقامتها في الميدان.. وقد حاول الشبيحة الاعتداء عليها اثناء اطلاق سراحها من قصر العدل.. ورغم غيابها عن المشهد فإن ذاكرة الثورة لن تنسى هذا الاختراق في ظل محاولة حثيثة من النظام لاستغلال الفنانين في حربه المفتوحة على الشعب.. وهو ما ساهم في سحب هذا السلاح من يده عندما ادرك انه سلاح فاشل وان كل ما قاله كل الفنانين الشبيحة ليل نهار لم يعادل تأثير كلمات من مي اسكاف أو أغنية لسميح شقير عنوانها حفر في قلوب السوريين (يا حيف.. يا حيف) لتبقى ما دام فينا عرق ينبض تصرخ على الحرية الواقفة على الباب
مشعل تمو أحد قادة الأكراد.. اغتيل اول امس.. وبدفعه حياته نال الشهادة والمجد.. وأصبح من رموز الثورة الملهمين.. لقد وحد استشهاده قلوب السوريين عربا واكراد.. وأعاد طرح القضية الكردية في اطار الثورة السورية وهي احدى اركانها واحدى مهماتها في آن معا
كذلك هناك الكثير من الرموز اللذين أثروا في مسار هذه الثورة ودفع مسارها سواء على المستوى العام أو على مستوى محلي ومازالوا يمارسوا هذا التأثير.. ولابد لنا من عودة مرة أخرى لهذا الموضوع بعد سقوط النظام لنذكر بعضهم لأن ذكرهم الآن قد يشكل خطرا على حياتهم أوأمنهم
يتبع بعد سقوط النظام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق