العمل في المجال الطبي والإسعافي كان من أروع ملاحم الثورة السورية.. والمشافي الميدانية والمراكز المؤقتة للعلاج والخدمات الطبية اللي أنشئت تحت القصف والحصار في الداخل أو على الحدود أو مخيمات اللاجئين قدمت نموذج رائع للعمل التطوعي..
وأكيد أنه فيه مجموعة كبيرة من الأطباء والممرضين والمسعفين والمساعدين المحترفين أو المتطوعين سجلوا اسماءهم بحروف من نور بسجل الثورة.. وبعضهم صاروا بسجل الشهداء كمان
وفيه شباب غير متعلمين أو غير مختصين ساووا دورات اتدربوا من خلالها على الإسعافات الأولية أو طرق المعالجة البسيطة بإمكانيات قليلة ومجهود ذاتي كبير –بعضهم من النساء الماجدات- وقدروا يقدموا خدمات جليلة بهدا المجال "إيجابي"
وفي أطباء قدموا خدمات كبيرة في عياداتهم أو في منازلهم بدون شوشرة ولا هيلمة إعلامية حتى ولو كان هدا من باب الحرص والحذر فهو بيتقدّر وبيحترم وبينحط عالراس من فوق "إيجابي" طبعا
وفي أطباء أو مختصين تركوا شغلهم في الدول العربية والغربية بشكل جزئي أو دائم وراحوا ليتطوعوا للخدمات الطبية في المخيمات أو المشافي الميدانية على الحدود أو في الداخل "إيجابي"
وللأسف في أطباء وممرضين وفنيين طبيين رفضوا المشاركة بإسعاف المصابين ورفضوا حتى مجرد استقبالهم بعياداتهم او منازلهم من باب الخوف أو.. وفي بعضهم استغلوا الموقف وطلبوا مبالغ خيالية لتقديم الخدمات الطبية..وأخلوا بالقسم الطبي.. ونسوا فضل المجتمع اللي صرف عليهم ليتعلموا ويتأهلوا ليساووا وظيفة اجتماعية من أشرف الوظائف المنوطة بأي مجتمع بشري "سلبي"
وفي بعض الأطباء والممرضين والفنيين اللي آثروا السلامة وكانوا أول الهاربين من المناطق المنكوبة وتخلوا عن مسؤولياتهم اتجاه شعبهم ومجتمعهم.. وإذا كان هدا ممكن نشوفوه بعين التسامح والتقدير لوضعهم بظل الأخطار وكونهم كانوا من الشرائح المستهدفة من قبل النظام بكل جبروته وبطشه.. بس ما ممكن إلا أنه نصنفه في باب السلبي
بس اللي ما ممكن يتبرر أو يتم التسامح فيه أنه بعض الأطباء والكتير من الممرضين والممرضات شاركوا في قمع النظام أو قاموا بالتبليغ عن المصابين أو المساهمة بالقبض عليهم أو تعذيبهم أو تصفيتهم.. حتى داخل المشافي اللي بناها شعبنا من دم قلبه.. وهدا بده إعادة نظر شاملة ببناء هدا القطاع الخدمي النبيل ما بعد سقوط النظام.. وكلمة سلبي هون ما إلها معنى قدام هي الجرائم البشعة
ولا ننسى كمان أنه في أطباء –بعز حاجة المجتمع لعلمهم وخبراتهم- قعدوا عالفيس بوك وتوتير ينظّروا بالسياسة والدين والفلسفة والفزلكة.. وكل شي بالكون غير اختصاصهم بدل ما يقدموا الإرشادات الطبية والاسعافية والخدمات الطبية الممكنة.. أو انهم يدربوا الناشطين والمتطوعين من الشباب على الأرض سواء بشكل مباشر أو عبر الانترنيت وشبكات التواصل.. "سلبي" أيضا.. وبتمنى ما ينفهم مني أني عم أطلب الحجر على آراءهم السياسية والاجتماعية أو سخفها واستقل فيها بس أنا عم نبه للشي اللي كان ممكن يبذلوا فيه جهد أفضل وأفيد لأنفسهم ولمجتمعهم.. مع النشاطات التانية..
أهم خدمة كانت غائبة في مسيرة الثورة هي تقديم المعونة النفسية.. بالأخص للأطفال اللي انصابوا أو تشردوا أو شافوا أحداث قاسية مؤثرة على نفسيتهم..
وإذا كانت نظرة المجتمع سلبية قبل الثورة لهدا النوع من الخدمات الطبية والاجتماعية، فكانت الثورة والأحداث المرافقة أفضل فرصة لتغير نظرة المجتمع لقيمتها وأثرها الإيجابي الممكن وتفعيله
بس للأسف ما شفنا حتى ولو جهد بسيط في هدا المجال، والسؤال الكبير هون!! وين آلاف الخرجين من قسم علم النفس والدراسات الاجتماعية؟؟ واللي على علمي بيطلعوا أضعاف عدد الجيش الحر بكل كتائبه!! يا حيف!!
أظن أنهم بعد سقوط النظام ما لازم يضلوا يلوموا المجتمع على نظرته إلهم واستخفافه فيهم.. إلا إذا لحقوا حالهم بذلوا جهد كبير.. وشكلوا فرق وورش عمل.. وحتى كتائب تثبت للمجتمع أنه دورهم ما بيقل عن اللي اتظاهروا أو قاتلوا النظام وكتائبه.. وأنا عندي أمل والأمل "إيجابي" وبتمنى ما يخذلوني ويخذلوا مجتمعهم ويخليه يحس أنه كل شي انصرف على تعليمهم وتأهيلهم كان مجرد هدر
وهدا الكلام بينطبق على كتير من الفئات والشرائح من المتعلمين.. وين خرجي التاريخ؟! وين خرجي الإحصاء؟! وين خرجي التربية؟! وين خرجي الجامعات السورية بكل فروعها؟!
كل متعلم بيقدر اليوم يكون إله دور بمجال اختصاصه.. وبيقدر يوسع هدا الدور قد ما بده.. هي فرصة تاريخية.. بتمنى ما حدى يضيعها.. ونوقع بفخ الندب والبكا على الأطلال.. والقعود على هامش اللسلبية اللي لا بتغني ولا بتسمن من جوع
يتبع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق