31‏/10‏/2012

شلون بتكون إيجابي في زمن الثورة

بعد مقالي الطويل "السالب والموجب في الثورة السورية" بحلقاته الخمسة علق صديق "فيس بوكي": بأنه ما كتير مهم نعد ونعدد السلبيات أو الإيجابيات.. ما نحن كلنا شايفينها وعارفينها.. ما ضروري تضوع وقتنا بخمس حلقات..
طبعا أول شي بقول له على مسمع الأشهاد: على راسي كلامك.. بس احمد الله اني كنت جحا الدمشقي مو جحا المكسيكي أو التركي.. يمكن كانت راحت معك خمسين حلقة على الأقل
على كل ما بنكر فضله بأنه هو اللي جاب فكرة هالمقال: شلون ممكن الواحد يكون إيجابي بمسيرة الثورة
ويمكن اللي رح نقوله مجرد أفكار ممكن الكل يساهم بتطويرها أو تكميلها
أول فكرة خطرت لي مستلهمة من الثورة المصرية "لا تستهين أو تزهد بمساهمة أي واحد.." يعني لا تقول أبدا هدا شو بيطلع بإيده.. وهدا شو بيفهموا.. وهداك شو بيعرفه.. واعتبر انه مساهمة أي حدى مهما كانت صغيرة أو بسيطة يمكن تكون القشة اللي تقصم ظهر الحمار.. يعني ما نقتصر مشاركتنا وتواصلنا مع الناشطين أو المثقفين أو المتابعين.. بالعكس خلي هدفك الاول الناس غير المهتمين أو غير المتابعين.. أو المهمشين.. هدول ممكن يطلع من عندهم أفكار أو رؤى غير متوقعة تقلب الموازين أحيانا.. وبالثورة المصرية كان فيه حملة اسمها "علّم البواب والبقال والكومسري.." ونشطت أكتر بعد سقوط النظام بانتخابات مجلس الشعب والرئاسة.. ويمكن لازم تستمر
لا تنظر بتعالي أو فوقية لهي الفئات.. علّمهم كيف يوصلوا للأخبار والمعلومات.. علمهم كيف يستعملوا الموبايل والكمبيوتر والفيس بوك.. علمهم كيف يتواصلوا.. خبرهم عن الصفحات المهمة.. خبرهم بالنشاطات اللي ممكن يساهموا فيها ببساطة ويسر.. ولا تساءل شو الفائدة؟!
كل شي بزمن الثورات ممكن.. ولا ننسى أنه امرأة أمية بسيطة في الفورة الاولى للثورة الفرنسية صرخت –بوعي أو دون وعي: "إلى الباستيل" وصرختها قلبت مسار الثورة.. ويمكن كانت أهم من كل شي كتبه وفكّر فيه مثقفي عصر النهضة بأوربا
ولاننسى المرأة السوداء اللي رفضت توقف لرجل ابيض بالباص اللي فجرت ثورة الحقوق عند الزنوج بأمريكا.. بدون ما يخطر ببالها شو كان موقفها رح يساوي
ولا ننسى الطفل بالقصة -اللي كانوا يدرسونا إياها بالمناهج التعليمية بسورية- لما صرخ: الملك عاري
كلنا كنا عراة قبل كم شهر، وكنا ساكتين على الذل والمهانة والاستبداد قبل ما أطفال درعا يساووا لنا الحيطان مرايا تخلينا نشوف الحقيقة.. ويجبرونا نصرخ: الموت ولا المذلة
الفكرة التانية كمان من الثورة المصرية: لا تقول أبدا هي الفكرة مو مهمة أو تافهة.. أو هلق مو وقتها.. أو إنها مو متماشية مع مزاج الناس..
اللي بتحسوا بنفسك أو بتفكر فيه.. قولوه ولا تستحي أو تخاف يمكن يفجر أفكار تانية أحسن أو يمكن يكون فيه كتير ناس تانية عم تفكر فيه أو مقتنعة فيه بس مترددة أو متخوفة متلك..
وأي معلومة بتوصلك  أو فكرة بتخطر لك.. لا تفترض أنه الكل بيعرفوها أو سمعوها بالعكس افترض أنه ما حدى بيعرفها غيرك وابعتها للكل حتى لنفسك و اللي بعت لك إياها نفسه "بس هون قصدي المعلومة أو الفكرة مو الإشاعة أو الشطحة" لأنه لما بتسمع المعلومة أو الفكرة أكتر من مرة بتترسخ بذهنك ولما بتسمعها أو بقرأها أكتر بتصير جزء من تفكيرك.. ولما بتنتشر أكتر بتصير جزء من التفكير الجماعي كمان
قديش أنا زعلان أنه فيه كتير أفكار رهيبة انطرحت بهالثورة، بس انتست أو ضاعت بسبب تقاعس أصحابها عن إعادة نشرها مرارا وتكرارا.. وتقاعس الآخرين عن نشرها وترويجها رغم قناعتهم بأهميتها
الفكرة التالتة: دائما وأولا فكر شو بتقدر تقدّم بمجال اختصاصك انت.. سواء كنت طبيب أو مهندس أو مدرس.. أو مقاول أو صناعي أو فني أو مهني.. أنت الأقدر والأحسن بمجالك.. مو ضروري كلنا نكون محللين سياسيين أو صحفيين أو..
والثورة مو بس مظاهرات وهتافات وشعارات.. أوبوستات على الفيس بوك.. ولا بس سلاح ومعارك.. ولا بس إغاثة ومساعدات.. الثورة منظومة عمل كاملة.. ومنظومة بناء كاملة.. وفي كتير أدوار ومهمات شاغرة وكتير خدمات ناقصة بالأخص بالمجالات التخصصية.. ورح اضرب مثل وحيد بموضوع الدعم النفسي بالأخص للأطفال اللي مروا بأحداث قاسية ممكن تترك أثر كبير بنفسيتهم إذا ما أخدوا جرعة علاج أو دعم نفسي تخصصي.. وبتسآل هون: وين عشرات آلاف الخرجين من أقسام علم النفس والاجتماع اللي خرجتهم جامعاتنا المصونة.. الموضوع مو بس اسعاف الجرحى والمصابين.. وما أكتر الجروح بهالثورة!!
بيكفي اليوم.. خلينا نروح نعمل شي إيجابي أحسن.. ومنلتقي بحلقة جديدة من المسلسل السوري المطبلج "كيف تكون إيجابيا"

24‏/10‏/2012

السالب والموجب في الثورة السورية 5

بهدا الجزء اللي يمكن هو الاخير من هدا المقال رح ننااقش الموضوع الأكتر حساسية في الثورة السورية وهو الجيش الحر والعمل المسلح
ما بعرف إذا بتذكروا ببداية الثورة وبالتحديد بمطلع آب 2011 كنت كتبت مقال بعنوان "الجيش السوري أزمة الماضي وعقدة المستقبل" وكان هدا بمناسبتين شبه متزامنتين "ذكرى تأسيس الجيش السوري، وقرار النظام بزج الجيش في مواجهة الثورة الشعبية"
طبعا التانية كانت بداية للانشقاقات اللي شكلت بعدين الجيش الحر وهي السبب المباشر أما الأسباب الكامنة فهي طبيعة وتكوين الجيش السوري ومكامن الخلل اللي استعرضها مقالنا السابق.. واللي في جزء منها رح يضل مؤثر في المستقبل..
ونتيجة تشكيل فصائل مسلحة كان هدفها المعلن بالبداية حماية المدنيين وحماية الحراك الشعبي هو اللي خلق الجدل العظيم في الثورة السورية بين الحفاظ على سلمية الثورة وعسكرتها أو الانتقال للعمل الثوري المسلح.. وأنا –بكل تواضع- كنت طرف في بهدا لو بشطر كلمة
وبالمحصلة النهائية لازم نعترف –نحن دعاة السلمية- بانتصار مرحلي للطرف الآخر.. وما لازم ننكر أبدا بأننا فشلنا في إقناع المجتمع والأطراف الفاعلة على الأرض بالحفاظ على السلمية وجدوها.. يمكن بسبب التقاعس أو ضعف الحجة أو نقص إيماننا بالفكرة أو... فما مهم الأسباب بقدر النتائج
فالمحصلة كانت هيمنة العمل المسلح على فعاليات الثورة.. وأنا شخصيا ما بحب إني شوف الأمور من باب السلبية المطلقة.. وكنت نوهت بأكتر من مرة أنه ما في ثورة بالتاريخ مشت وفق مخطط مرسوم أو تصور نظري مسبق.. وكل ثورة هي تعبير عن الكوامن ضمن أي مجتمع إنساني.. ويمكن أكبر سلبية كانت عند المثقفين والسياسيين والمتعلمين السوريين هي انفصالها عن المجتمع.. وعدم القدرة على التواصل والتفاعل الحقيقي معه.. فكانت متل قشرة رقيقة سهل إزالتها لتبيين من تحتها الحقايق الكامنة بتركيبة المجتمع وثقافته.. وكذلك كانت هيمنة النظام وبنية دولته الاستبدادية قشرة أرق وأهش.. أزالتها أول أيام الثورة
هدا حديث يمكن يطول وأنا بدي انتقل لمناقشة الوضع الراهن بظل الصراع المسلح بين سلطة غاشمة مكشوفة وفصائل مسلحة بافترض انها مؤمنة بإمكانية التغيير بالقوة المسلحة
وقلت إني –رغم قناعاتي- ما بدي أنظر للظاهرة بشكل سلبي بالمطلق، ورح حاول شوف المكامن الإيجابية فيها، فمن بدايتها كان اختيار بعض الضباط وصف الضباط والجنود رفض إطاعة الأوامر العسكرية ورفض إطلاق النار على العزل.. ومن ثم الانشقاق عن الجيش الرسمي -اللي كان بحكم تكوينه وتاريخه جيش غير مهني وطائفي.. والأهم أنه جيش النظام وليس جيش الدولة أو الشعب السوري- شي إيجابي، بالأخص لو أخدنا بعين الاعتبار حجم المخاطر اللي كانت مترتبة على هدا القرار
محاولة التجمع في كتائب أو فصائل –لو منفصلة عسكريا وجغرافيا- لتحديد مهام وخطط جزئية أو مرحلية.. كمان إيجابي
محاولة البحث عن إطار جامع تحت مظلة اسم الجيش الحر اللي كان مأمول أنه يكون إله قيادة واضحة وأليات عمل محددة "إيجابي"
انضمام مجموعة من المدنيين لهدا التشكيل "إيجابي" من ناحية أنهم ضحّوا بكل شي حتى حياتهم في سبيل المساهمة بتخليص المجتمع السوري من السلطة المستبدة.. وهدا كان فوق مستوى المتوقع قبل الثورة لدرجة خلتنا للحظات نشك بأنه لسى في روح التضحية والانتماء الوطني بعد عقود من الاستبداد.. واختزال الدولة في السلطة.. ومحق المجتمع
محاولة حماية الحراك الشعبي –حسب تصورهم- من بطش السلطة وطغيانها.. كمان "إيجابي"
بس التجمع في المناطق السكنية وإدارة العمليات العسكرية من قلبها واللي تحولت بكتير من الأحيان للاحتماء بالمدنيين بدل حمايتهم "سلبي"
عدم المهنية والاحترافية في التخطيط والتنفيذ.. وعدم القدرة على موائمة الأهداف العسكرية مع النتائج السياسية.. "سلبي" ويمكن هي أحد أسبابها أنهم جاين من جيش غير مهني أصلا
بالنتيجة تغليب العمل المسلح خلى مراكز ثقل القرار برى سورية وبرى إيدين السوريين "سلبي"
الصراع المسلح والفوضى سمحت بدخول فصائل وتنظيمات من الخارج ما إلها أية علاقة بالثورة وأهدافها.. وبنفس الوقت تشكيل فصائل وكتائب بالداخل غير منضبطة أو منضوية تحت أية قيادة سياسية أو عسكرية.. وممارستها أحيانا أبشع من ممارسات النظام نفسه.. "سلبي"
منرجع اللي بدينا فيه مو العبرة هلق بالأسباب أو الظواهر العبرة بالنتائج والتاريخ رح يكون أجدر بتقييمها
ما خلص المقال.. بس خلصت الذخيرة.. رح نضطر نساوي انسحاب تكتيكي

22‏/10‏/2012

السالب والموجب في الثورة السورية 4

العمل في المجال الطبي والإسعافي كان من أروع ملاحم الثورة السورية.. والمشافي الميدانية والمراكز المؤقتة للعلاج والخدمات الطبية اللي أنشئت تحت القصف والحصار في الداخل أو على الحدود أو مخيمات اللاجئين قدمت نموذج رائع للعمل التطوعي..
وأكيد أنه فيه مجموعة كبيرة من الأطباء والممرضين والمسعفين والمساعدين المحترفين أو المتطوعين سجلوا اسماءهم بحروف من نور بسجل الثورة.. وبعضهم صاروا  بسجل الشهداء كمان
وفيه شباب غير متعلمين أو غير مختصين ساووا دورات اتدربوا من خلالها على الإسعافات الأولية أو طرق المعالجة البسيطة بإمكانيات قليلة ومجهود ذاتي كبير –بعضهم من النساء الماجدات- وقدروا يقدموا خدمات جليلة بهدا المجال "إيجابي"
وفي أطباء قدموا خدمات كبيرة في عياداتهم أو في منازلهم بدون شوشرة ولا هيلمة إعلامية حتى ولو كان هدا من باب الحرص والحذر فهو  بيتقدّر وبيحترم وبينحط عالراس من فوق "إيجابي" طبعا
وفي أطباء أو مختصين تركوا شغلهم في الدول العربية والغربية بشكل جزئي أو دائم وراحوا ليتطوعوا للخدمات الطبية في المخيمات أو المشافي الميدانية على الحدود أو في الداخل "إيجابي"
وللأسف في أطباء وممرضين وفنيين طبيين رفضوا المشاركة بإسعاف المصابين ورفضوا حتى مجرد استقبالهم بعياداتهم او منازلهم من باب الخوف أو.. وفي بعضهم استغلوا الموقف وطلبوا مبالغ خيالية لتقديم الخدمات الطبية..وأخلوا بالقسم الطبي.. ونسوا فضل المجتمع اللي صرف عليهم ليتعلموا ويتأهلوا ليساووا وظيفة اجتماعية من أشرف الوظائف المنوطة بأي مجتمع بشري "سلبي"
وفي بعض الأطباء والممرضين والفنيين اللي آثروا السلامة وكانوا أول الهاربين من المناطق المنكوبة وتخلوا عن مسؤولياتهم اتجاه شعبهم ومجتمعهم.. وإذا كان هدا ممكن نشوفوه بعين التسامح والتقدير لوضعهم بظل الأخطار وكونهم كانوا من الشرائح المستهدفة من قبل النظام بكل جبروته وبطشه.. بس ما ممكن إلا أنه نصنفه في باب السلبي
بس اللي ما ممكن يتبرر أو يتم التسامح فيه أنه بعض الأطباء والكتير من الممرضين والممرضات شاركوا في قمع النظام أو قاموا بالتبليغ عن المصابين أو المساهمة بالقبض عليهم أو تعذيبهم أو تصفيتهم.. حتى داخل المشافي اللي بناها شعبنا من دم قلبه.. وهدا بده إعادة نظر شاملة ببناء هدا القطاع الخدمي النبيل ما بعد سقوط النظام.. وكلمة سلبي هون ما إلها معنى قدام هي الجرائم البشعة
ولا ننسى كمان أنه في  أطباء –بعز حاجة المجتمع لعلمهم وخبراتهم- قعدوا عالفيس بوك وتوتير ينظّروا بالسياسة والدين والفلسفة والفزلكة.. وكل شي بالكون غير اختصاصهم بدل ما يقدموا الإرشادات الطبية والاسعافية والخدمات الطبية الممكنة.. أو انهم يدربوا الناشطين والمتطوعين من الشباب على الأرض سواء بشكل مباشر أو عبر الانترنيت وشبكات التواصل.. "سلبي" أيضا.. وبتمنى ما ينفهم مني أني عم أطلب الحجر على آراءهم السياسية والاجتماعية أو سخفها واستقل فيها بس أنا عم نبه للشي اللي كان ممكن يبذلوا فيه جهد أفضل وأفيد لأنفسهم ولمجتمعهم.. مع النشاطات التانية..
أهم خدمة كانت غائبة في مسيرة الثورة هي تقديم المعونة النفسية.. بالأخص للأطفال اللي انصابوا أو تشردوا أو شافوا أحداث قاسية مؤثرة على نفسيتهم..
وإذا كانت نظرة المجتمع سلبية قبل الثورة لهدا النوع من الخدمات الطبية والاجتماعية، فكانت الثورة والأحداث المرافقة أفضل فرصة لتغير نظرة المجتمع لقيمتها وأثرها الإيجابي الممكن وتفعيله
بس للأسف ما شفنا حتى ولو جهد بسيط في هدا المجال، والسؤال الكبير هون!! وين آلاف الخرجين من قسم علم النفس والدراسات الاجتماعية؟؟ واللي على علمي بيطلعوا أضعاف عدد الجيش الحر بكل كتائبه!! يا حيف!!
أظن أنهم بعد سقوط النظام ما لازم يضلوا يلوموا المجتمع على نظرته إلهم واستخفافه فيهم.. إلا إذا لحقوا حالهم بذلوا جهد كبير.. وشكلوا فرق وورش عمل.. وحتى كتائب تثبت للمجتمع أنه دورهم ما بيقل عن اللي اتظاهروا أو قاتلوا النظام وكتائبه.. وأنا عندي أمل والأمل "إيجابي" وبتمنى ما يخذلوني ويخذلوا مجتمعهم ويخليه يحس أنه كل شي انصرف على تعليمهم وتأهيلهم كان مجرد هدر
وهدا الكلام بينطبق على كتير من الفئات والشرائح من المتعلمين.. وين خرجي التاريخ؟! وين خرجي الإحصاء؟! وين خرجي التربية؟! وين خرجي الجامعات السورية بكل فروعها؟!
كل متعلم بيقدر اليوم يكون إله دور بمجال اختصاصه.. وبيقدر يوسع هدا الدور قد ما بده.. هي فرصة تاريخية.. بتمنى ما حدى يضيعها.. ونوقع بفخ الندب والبكا على الأطلال.. والقعود على هامش اللسلبية اللي لا بتغني ولا بتسمن من جوع
يتبع




17‏/10‏/2012

السالب والموجب في الثورة السورية 3

أما على صعيد الخدمات الاجتماعية والإنسانية من جمع المساعدات المالية والعينية.. وتوزيعها وإيواء اللاجئين.. والطبابة.. وإسعاف الجرحى وتقديم الخدمات الطبية..
ما عندي أدنى شك أنه المجتمع السوري فاجأ كل الكون حتى نفسه بهدا القدر من التضامن التكافل الاجتماعي اللي ساد خلال فترة الثورة والإيثار والتضحية.. وعندي كتير من القصص الحقيقية اللي ممكن لو رويتها يفكرها الناس من محض الخيال أو أنها مسروقة من كتب التراث بقمة عصر الزهو الحضاري.. وفيه كتير من الشباب اللي ضحوا بحياتهم لإنقاذ أسر أو أطفال أو حتى لإخلاء جثث الشهداء من الشوارع المزروعة بالقناصة والقذائف.. وكتير من الناس اللي قسمت اللقمة أو حرمت أولادها لتقيت اللاجئين أو تصرف على العمل الثوري.. ورغم طول المدة، وضخامة الاحتياجات.. وعدم وضوح المستقبل.. ما خمدت هي الروح الإيجابية ولا خفت عند الأكترية.. رغم أنه مؤسسات التضامن الاجتماعي قبل الثورة كانت مدمرة أو مخترقة أو مفتقدة بسبب القمع وهيمنة النظام وفساده.. والفردية والسلبية كانت مسيطرة على المجتمع السوري لعقود.. وهدا بيستحق منا التغطية والإشهار والدراسة بشكل موسع بالمستقبل لنقدر نستغل المكامن الإيجابية في المجتمع في بناء سورية المستقبل
بس كمان عندي قصص عن ناس استغلت الموقف للتربح اوالشحادة المادية والمعنوية على اسم الثورة وعلى حاجات الشعب السوري واللاجئين.. وهدا بالتأكيد سلبي ولازم بالمستقبل أنه يتغطى بشكل أكبر وينفضح –بعد التحقيق الدقيق- لنقدر نتجاوز هي الظواهر السلبية في مسيرة بناء المستقبل للأجيال اللي ضحت من أجل الثورة
بس أنا متأكد أنه الإيجابي كان أكتر بكتير من السلبي في هدا المجال
وكتير من الناس اللي عملت بمجال الإغاثة قدموا تضحيات وبذلوا جهود خارقة ليقدروا يغطوا بأكتر من حدود الممكن بكتير بالأخص في المناطق اللي بقت فيها سيطرة النظام قوية وهدا إيجابي
بس بنفس الوقت انطبقت معظم السلبيات اللي قلناها عن العمل الإعلامي على العمل الإغاثي.. من الفردية والفوضوية.. وعدم التدقيق وعدم الاحترافية.. وعدم بذل جهد في التعلم والاستفادة من تجارب سابقة..وعدم بذل جهد كافي لتطوير معايير بتعتمد على الاحصاء وتراكم المعلومات وتبادلها بشكل جيد وشفاف.. وهدا ساوى كتير من المشاكل والأخطاء في توزيع المساعدات وتوجيهها
وكمان كتير من المغتربين والمهاجرين السوريين بذلوا جهود، وقدموا ما باستطاعتهم من مساعدات مالية وعينية.. "إيجابي" والبعض الآخر ما قدموا شي بيتناسب مع امكانياتهم ولا بيتناسب مع حجم الأحداث والاحتياجات.. ويمكن كان إلهم حجج من ضمن السلبيات اللي ذكرناها.. مشان هيك بقول أنه لازم نتجاوزها بالمستقبل بالأخص موضوع الشفافية والآليات الواضحة في هدا المجال اللي يمكن يضل من الأشياء الملحة لسنوات بعد سقوط النظام
العمل في المجال الطبي والإسعافي كان من أروع ملاحم الثورة السورية.. والمشافي الميدانية والمراكز المؤقتة للعلاج والخدمات الطبية اللي أنشئت تحت القصف والحصار في الداخل أو على الحدود أو مخيمات اللاجئين قدمت نموذج رائع للعمل التطوعي..
يتبع

16‏/10‏/2012

السالب والموجب في الثورة السورية 2


قلنا بالجزء الاول انه المشاركة الواسعة من فئات كبيرة بالأخص من جيل الشباب هي أهم إيجابية في الثورة السورية بالأخص انه المجتمع السوري كان محروم من عقود انه يشترك بالشأن العام لدرجة انه خلت السلبية هي الغالبية بالأخص في المدن
وأهم المجالات اللي عم بيصير فيها المشاركة هي الجوانب الإنسانية والاجتماعية.. من المساعدات الغذائية والإيواء والخدمات الإدارية.. والناحية الإعلامية.. من تصوير واحصاء ونشر للصور والفيديوهات.. وبدرجة أقل من الناحية الثقافية.. هدا كله ظواهر إيجابية بتستحق الاحترام والتقدير.. والدراسة كمان
ولو بدينا بالناحية الثقافية،اللي للأسف انه معظم المجتمع السوري عم ينظر لها باستخفاف وكأنها شي هامشي –على البيعة يعني- وهدا الشي السلبي بالموضوع، أما الإيجابي أنه الثورة كانت محفز كبير لكتير من الشباب والأدباء المتقاعدين وما بينهما للإبداع والانتاج من شعر شعبي وفصيح وقصص ومقالات.. وبدرجة أقل بكتير الدراسات.. ومع هيك بقدر أقول أنه هدا إيجابي وصحي
لكن رغم الغزارة والإبداع من حيث المضمون القيمي والمواضيع وتنوعها.. بس ما في جهد كافي لتطوير الشكل الفني والأدبي وتطوير الأدوات ليتناسب مع حجم الحدث وقوة تأثيره وعمقه.. وفيه إتكال كبير على قوة الأحداث برفع النصوص وترويجها بالشكل الآني بدل ما يكون النص هو الأقوى والأقدر على تفعيل وتقوية تأثير الحدث وتخليده.. وقليل ما اقرأ نص أو شوف صورة أو كاريكاتير مشغول عليه لدرجة تخليه يعيش بعد انتهاء الحدث وسقوطه بالتقادم.. فالنص المبدع ممكن يكون أخلد من الحدث نفسه بعد زمن متل قصيدة أبو تمام مثلا الخالدة رغم أنه معركة عمورية صارت مجرد حدث يذكر في التاريخ بدون ما حدى غير مختص يهتم أو يعرف عن تفاصيلها.. "وهدا الجانب السلبي اللي حبيت نوه عنه"
في الجانب الإعلامي اللي يمكن يكون الأكتر تفاعلا بهالمرحلة، يمكن لانه الشبكة العنكبوتية فتحت مجالات واسعة وكسرت احتكار الجهات الإعلامية اللي كانت بسورية محتكرة لصالح النظام بشكل شبه مطلق.. وهلق صارت متاحة للجميع بإمكانيات بسيطة وكلف زهيدة.. وتعب أقل بكتير مما كانت عليه وسرعة انتشار خارقة لحدود التصور!!
ورغم أنه ما ممكن ننكر أنه كتير من الشباب بذلوا جهود خارقة في تصوير ورصد الأحداث بالأخص بالأشهر الأولى.. ودفعوا تمن غالي إلها.. بعضهم دفع حياته وبعضهم اعتقل أو استهدفت منازلهم وعائلاتهم.. مع هيك ما قدر النظام –حتى وهو في قمة جبروته- أنه يوقف هدا السيل من الصور والفيديوهات والروايات.. أو يمنع وصولها للشبكة العالمية والقنوات الفضائية ووكالات الأنباء!! وهدا الشي من أهم الأعمال اللي رافقت الثورة وأقوى إيجابياتها
بس كمان رافق هدا كتير من الظواهر السلبية أهمها عدم الاحترافية أو بالأصح عدم بذل الجهد من قبل معظم من عملوا بهدا الجانب للتعلم والتدريب أو التعاون والتكامل مع الآخرين.. وهدا ضيع كتير من الجهود وشتتها.. خلى رسائلها متضاربة وتأثيرها أقل بكتير من الجهد والمخاطرة المبذولة في سبيلها.. بالأخص المبالغة الزائدة وعدم الدقة.. وعدم التحقق من الأخبار والفيديوهات المنقولة.. وعدم التواصل مع الهيئات الوكالات المختصة.. وهدا أدى لضعفها وتقليل مصداقيتها وتقليل تأثيرها في الداخل والخارج بدرجة أكبر
حتى المجموعات والشبكات الكبيرة  والصفحات اللي تشكلت مع بداية الثورة متل شبكة شام الإخبارية وأغاريت.. والتنسيقيات.. وصفحات الثورة المختلفة.. فشلت بتطوير العمل الجماعي أو تشكيل سياسة تحريرية أو تدريب وتأهيل مراسلين أوصياغ أخبار أو تطوير الشكل والأدوات.. رغم ما أتيح لها من إمكانيات وجهود تطوعية واحترافية..
وضلت كلها وكأنها مجموعات غير متجانسة.. وبدون رسالة إعلامية واضحة تناسب كل مرحلة من المراحل اللي مرت فيها الثورة.. وبدون رؤية سياسية واضحة أو نواظم ضابطة لنقل الأخبار والأحداث.. أو –وهو الأهم- تشكيل رؤية واضحة للمستقبل
وبالعكس كتير منها استسلمت بسهولة للشعبوية والفوضوية.. حتى انجرت بسهولة للخطابات التحريضية وهيمنة الرؤى المسبقة بضغط الشعبوية بمفهومها السلبي طبعا!! حتى أنه بعضها انجرت لتخدم سياسات النظام في تعامله مع الثورة.. بالأخص موضوع التحريض الطائفي.. وتكريس صور سلبية عن الثورة والثوار..
وبتمنى أنه ما تكون الظواهر السلبية أثقل من الظواهر الإيجابية فيها بالأخص أنه الفرصة لسىى متاحة للنقد والتطوير والتأثير لحتى ما تضيع جهود وتضحيات كتير من الناس اللي عملوا بهالمجال
فلازم كمان ما ننسى أنه فيه جهود فردية كبيرة بذلها كتير من العاملين بإعلام الثورة قدروا يطوروا إمكانياتهم الذاتية ويقموا بتدريب ذاتي وتأهيل.. وبيجوز يطلع منهم مراسلين ومحررين بدرجة احترافية يمكن تفيد بتطوير الإعلام والوعي السوري في المستقبل إذا أحسن استغلاله "وهدا إيجابي على المدى القريب والبعيد.. الذاتي والعام كمان"
أما على صعيد الخدمات الاجتماعية والإنسانية من جمع المساعدات المالية والعينية.. وتوزيعها وإيواء اللاجئين.. والطبابة إسعاف الجرحى وتقديم الخدمات الطبية..
يتبع


15‏/10‏/2012

السالب والموجب في الثورة السورية1

هدا الاسم مسروق من اسم برنامج كان مشهور بالسبعينات والتمانينات كان يقدمه الاستاذ توفيق الحلاق –اللي اسعدني حقيقة انه انشق عن صفوف النظام بفترة مبكرة وانضم لصفوف الثورة- وإن كان خوفي انه يصير مقالي متل ما صار برنامج الحلاق اللي بدا برصد الظواهر السلبية والمقابلات الإيجابية لها في المجتمع السوري بوقتها بس انتهى بإنه صار برنامج السالب والسالب.. وأكيد هدا ما كان بسبب نقص الظواهر الإيجابية.. ولكن بسبب إغراء السالب.. ويمكن هدا طبيعة الكون بانه الشحنات السالبة أكتر جذبا من الشحنات الموجبة.. وطبيعة البشر بشكل عام والتركيبة الشرقية الأكتر انجذابا للسلبيات!! ويمكن لأنها بتنظر للإيجابيات بأنها الوضع الطبيعي اللي ما بيستحق أنه يتوقف عنده، او يلتفت إله!! وبتمنى إني ما أوقع بهالفخ، مشان هيك بحاول إني ابدى بالإيجابي قبل السلبي "والله المستعان"
أهم ظاهرة إيجابية ملفتة بهالثورة العظيمة هي المشاركة الواسعة من قطاعات كبيرة من المجتمع السوري بالأخص من جيل الشباب من سن 15 ل 25 سنة وبالتحديد من الشهر الرابع اللي اتجذرت فيه الثورة بعدة محافظات وصارت حالة شعبية شبه شاملة من الكبير للصغير للمقمط بالسرير من الغني للفقير.. من الجاهل للمتعلم.. لكبار السن لأصحاب الحاجات الخاصة..
وإن كان العبء الأكبر على فئة الشباب.. بالأخص إذا أخدنا بعين الإعتبار أنه نظرة المجتمع لهالفئة كانت سلبية جدا قبل الثورة.. وكان فيه نظرة شك دائم بقدراتهم على تحمل المسؤولية والإبداع والقدرة على التغير.. وما كان فيه غير نار الثورة اللي قدرت تكسر هدا الحاجز الجليدي الرهيب.. وتغير المعادلات الاجتماعية السائدة.. وتعيد صهر المجتمع السوري من جديد
واللي شفناه من الصمود والقدرة على تحمل المسؤولية.. والإبداع والنضوج ما بس رجّع لنا الثقة فيهم بس، كمان رجّع لنا الثقة بأنفسنا، والثقة بالمستقبل والماضي كمان لأنه هدول بالبداية والنهاية همة نتاج عمل المجتمع السوري ككل ومقاومته السلبية للاستبداد طوال عقود
شايفين ما قدرننا ما نذكر السلبية حتى نحن بقمة النشوة الوطنية "الطبع غالب" على ما يبدو!!
على كل ما كان هدفنا نتجاوز عن الظواهر السلبية بشكل مطلق متل ما عم يحاول البعض يساوي بحجة رفع المعنويات أو حماية الثورة –حسب اعتقادهم- وهدا من الظواهر السلبية الكبرى اللي ما عم تخليهم يشوفوا الأخطاء مهما كانت كبيرة أو عم تدفعهم يسكتوا عنها بشكل مؤقت او مطلق رغم أنه هدا مو بمصلحة الثورة لا على المدى القريب "اللي هو تقريب لحظة النصر وتقليل الكلفة البشرية والمادية للنصر الأكيد"
ولا على المدى البعيد "اللي هو إعادة بناء الدولة والحياة السياسية على أسس ديمقراطية مدنية حديثة متحضرة بتعبر عن جيل الشباب اللي حمل الراية ودفع التمن الأكبر بهالثورة"
يتبع