30‏/10‏/2011

امتعااااض

سؤال وجيه خطر على بالي اليوم، ليش ما بعرف!!
يا ترى الامتعاض أقوى ولا التنديد ؟؟ ولا الشجب ؟؟
فالله يخليكم اللي بيقدر يفيدني بهالموضوع لا يبخل علي بمسيج أو تويت أو إيميل أو.. لإني مو قادر نام من ورا هالسؤال المحير.. وعم فكر ساوي له استفتاء على الفيس بوك..
بس على ما نظبطه.. وتجينا الإجابات.. وبما إنه اللي باين او اللي اللله مورجيني اياه إنه ما حدى لحدى بهالزمن العاطل فما إلي إلا إني أدلي بدلوي بالموضوع لبين ما الله يفرجها:
يعني أنا بشوف وكأنه كلمة تنديد أقوى شوية من الباقي، لإنها بتعبي التم و إلها رنة غير شكل.. بالأخص إذا طالعة من شي نظام ممانع مثلا، إيه شو بتجي قوية!! متل القنبلة الإرتجاجية الله وكيلكم !! إيه عليم الله إذا إسرائيل بتعيش ميتين سنة –وأنا بشوف انه هدا مستحيل- ما بتقدر تنسى رعب التنديدات الممانعة..
بعدين لا تنسوا أنه حرف الدال بالعربي بيدل على القوة والشدة.. وأكثر من نص معلقاتنا دالية..
بعدين وزنها شي رهيب تفعيل متل (تهديد.. تقتيل.. تهجير.. تشريد..)
أما شجب –أنا بحسها أضعف شوية- بس كمان شي كلمة عجيبة تقول إلها مفعول سحري.. بيخلي المتمادي يوقف عند حده.. والظالم يرتد عن ظلمه.. والمعتدي يوقف عدوانه.. منه لحاله بمجرد ما يسمع هالكلمة.. بيرجف منها رجف وبيعمل "استوب" بمكانه..
لكن شو مفكرينها قليلة!! إيه عليم الله لولا الشجب أربعين سنة متواصلة لكنتوا شفتوا إسرائيل محققة حلمها من الفرات إلى النيل..
وهدا كله ببركات حرف الشين باللغة العربية.. هدا حرف عجيب –واللي مو صدق يقرأ مدار الشين من بين المدارات الصوفية ليعرف صدق كلامي- وإلو كتير تجليات.. فهو بيعطي معنى القوة لإنه فيه بتبدى كلمة (شديد.. وشرطة كمان..) وبيعطي معنى السمو لإنه بأول كلمة شرف وشام.. وبنفس الوقت بيعطي معنى السفالة والانحطاط لإنه بتبدى فيه كلمة شر... (وشريف شحادة لا تنسو لنا اياه) وفيه كمان معنى الخصوبة مشان كلمة شبق.. وفيه رومانسية.. شروق، شهد، شعر.. وهالخلطة السحرية هي اللي عملت العمايل بإسرائيل.. ولسى ياما رح تشوف شجب بالذات إذا -لا سمح الله- ضل الممانع على قيد الحياة كم شهر..
أما امتعاض هي مين نبشوا لنا ياها هي!!! إيه والله يمكن قاموس الجنعبري ما حواها.. ولا معجم (حك الجرب في ما نسي من أقوال العرب)!!
يمكن بس لتعرفوا قديش العرب عندهم أسلحة سرية مخباية للرد في اللحظة المناسبة!!!
هي بصراحة غريبة شوي!! وكسرت حاجز الملل.. يعني نص قرن تنديد وشجب.. وشجب وتنديد.. وأحيانا استنكار.. أيه بيكفي ياه.. خلينا شي مرة نمتعض بقى.
إيه بيكفي أنه هالكلمة فيها حرف الضاد اللي بيذكرنا العربية الجامعة.. ولا الجامعة العربية.. يا ربي شو كان اسمها هي اللي شعرت بالامتعاض إمبارح بعد الغدا؟؟
الله يخليكم اللي معه شي حبة ضد الإسهال يعطيها إياها بسرعة أحسن ما طرطشنا حاكم أنا شاككني قلبي من كلمة امتعاض هي!! وحاسسها على وزن استنجاء..
وإذا بيكمل معروفه وبيكون معه حبة اللي بترجع الذاكرة تبع غوار الطوشة بصح النوم يعطيني حبة ويعطيه هو باقي العلبة بركي بيتذكر شوية من اللي حكاه على المسرح أربعين سنة ونيف
واللي منكم شعر بالامتعاض من مقالي، إيه يا ويلوا، ويا سواد ليله.. إيه بدي أعمل له عقوبة (صميدعية): فرجة ساعتين متواصلتين على قناة الدنيا

26‏/10‏/2011

سياسة النكايا

صدق من قال: من راقب الأنظمة العربية مات هما.. فهذه الأنظمة بكل أنواعها (القومية.. العلمانية.. المعتدلة.. غير المعتدلة..) هي أبعد ما تكون عن الكلمة الموصوفة بها.. فلا يوجد لها مبدأ أو خط ناظم أو أسس سياسية.. يمكن من خلالها التنبؤ بخطواتها او سياساتها وقراراتها المستقبلية..
وغالبا ما تكون قراراتها مزاجية.. أو عبثية.. أو غير عقلانية.. وفي كثير من الأحيان يمكن أن ندرج سياستها تحت بند النكايا.. فمثلا نكاية بأمريكا ممكن أن ترتمي بأحضان روسيا.. أو العكس.. ونكاية بالشعب تعين أحط و أسوأ الشخصيات في المناصب المهمة.. وعلى رأي المثل الشعبي (نكاية بالطهارة...)
يعني سياسة ممقتة.. مستفزة إلى أبعد الحدود.. وتخرج الحليم عن طوره رغما عن أنفه.. فأذكر أن الشاعر الكبير إبراهيم طوقان من كثرة ما نكل به في فترة معينة قد خرج عن طوره وهجا الملك بقصيدة يقول في احد أبياتها:
لا تحسبن في ني.. جلالتكم لذة              لكن بعض الن.. نكايا
فمع اعتذاري من الشعب السوري الكريم الذي بصفة عامة يرفض الألفاظ النابية والأوصاف البذيئة.. وإن كنت ألاحظ في الآونة الأخيرة تزايد كبير في الفيديوهات المنشورة على النت في الخروج عن حدود المألوف.. وهذا ليس من المعروف عن شعبنا.. كذلك الحال كان بالنسبة لطوقان الذي لم يكن معروفا بالبذاءة في ألفاظه.. كما هو الحال مع مظفر النواب مثلا.. والذي رد في إحدى مقابلاته على سؤال (لماذا تستخدم ألفاظ بذيئة في أشعارك؟) قائلا: إني أبحث في القواميس جاهدا أن أجد كلمات تصف بذاءة الحكام العرب وسياستهم لكنني لا أجد ما يشفي غليلي..
وبما أن الشيء بالشيء يذكر على رأي الجاحظ: فبمناسبة فطسان العقيد القذافي أتذكر أنه عندما قال النواب جملته الشهيرة في الحكام العرب ( أولاد القح..) في قصيدة "عروس السفائن" انتقد وقتها لأنه يستثني القذافي – وكان يعيش وقتها في ليبيا – لذلك عندما أعاد قرأتها في المرات التالية جعلها: (أولاد القح.. لا استثني أحدا..) وأعادها ثلاث مرات ليعلم الجميع أن المقبور كان مشتملا غير مستثنى من كل الألفاظ التي أطلقها على القادة العرب.. اللذين وصفهم لحظة خروجهم من مؤتمر القمة الذي عقد أثناء مذبحة تل الزعتر – وهو ما ينطبق على وزراء الخارجية العرب بعد خروجهم من مؤتمر مناقشة مذبحة سورية مؤخرا – بقوله: خرج القادة من القمة آثار سحاق في جبهتهم.. (وأظن كلمة سحاق معروفة وليست بحاجة لشرح مثل تعبير "أولاد قراد الخيل" الذي اضطر مظفر النواب أن يشرح معناها في إحدى اللقاءات بأنها نوع من الحشرات تعيش في قفا الخيل وقد استعمل الكلمة الطبيعية للقفا التي تبدأ بحرف الطاء..)
وما كان ينطبق على تلك القمة الدموية ينطبق على هذه القمة مع بعض التحوير اللفظي وإن كان المضمون واحد فهو  تحميل المسؤولية للجميع دون استثناء.. فوقتها قال النواب: (..اتهم الماموس النجدي وتابعه.. ديوث الشام وهدهده.. قاضي بغداد بخصيته.. جرذ الأوساخ المتعفن في السودان.. ملك السفلس وحسون الثاني.. والمعوج بتونس من ساقيه إلى الرقبة.. والقاعد تحت الجذر التكعيبي فوق رمال دبي مشتملا بعباءته..)
فهل وفاهم مظفر حقهم من البذاءة؟!
بالمناسبة هل تذكرون مقالي (عودا على بدء) أوائل أيام الثورة؟ هو ليس متوفر على المدونة حتى الآن لكن سنحاول إرفاقه مع هذا المقال.. لأنني مضطر أن أقول  الآن: وعودا على بدء.. تعليقا على قرار بشار الأسد بتعين حسين مخلوف محافظا لريف دمشق بأنني أحاول جاهدا أن أجد ما يمكن أن يقال فب هذا المقام.. فلا أجد أحسن من بيت الشعر المنسوب لإبراهيم طوقان المذكور أعلاه.. مع الاعتذار للشعب السوري العظيم الذي أهدى الإنسانية ثلاثة اختراعات إعجازية (الأبجدية.. والذوق.. وحمص العدية).  

18‏/10‏/2011

الدستور والخرج والحمار


من كم يوم طلع لنا "بيشو" بقرار بتشكيل لجنة لصياغة دستور جديد عتيد.. ومشان اللي مو سوريين منوضح لهم انه "بيشو" هي الدلع لاسم بشار وبتنقال لرفع الكلفة –بلا منقودية- وللتحبب.. يعني بعد هدا المقال ممكن تقولوا انه جحا صار واحد من المنحبكجية لبيشو..
بس وبصراحة اللي ما حبيتتو بهالموضوع كله هو كلمة الدستور –دستور من خاطركم يا اسيادي- لإنه كلمة دستور بتذكرني -مو بس أنا أي سوري كمان- بمشهد مشهور للماغوط من مسرحية غربة.. يعني بصراحة كلمة دستور بذهن كل سوري –بوعي او بدون وعي- صارت مرتبطة بتلات كلمات مو حلوة أبدا.. وهي (السجن، الحمار، الخرج)
طبعا الكل بيعرف التنتين الأولانيات بس كمان مشان غير السوريين منقول لهم أته السوريين لما بدهم يطنشوا شغلة أو يتجاهلوها.. او ينسوها.. بيقولوا عبارة (حط بالخرج).. حتى باوائل القرن الماضي طلعت بسورية مجلة ساخرة اسمها (حط بالخرج) وهي من أول المجلات الساخرة في الوطن العربي إذا ما كانت الأولى..
وبصراحة أكتر أنا رأي الشخصي أنه نلغي كلمة دستور بسورية نهائيا.. يعني نلاقي له غير اسم –شو الله ما خلق غيره- يسموه يا أخي: القانون الأساسي.. القانون الأم.. القانون الناظم.. قانون الجاذبية –ان شا الله- المهم يبعدوا لنا عن كلمة دستور (إيه يحرق حريشه هالماغوط شو كان ابن.. إيه كرهنا بهالكلمة سبع أجيال لقدام.. متل ما كرهنا إحسان عبد القدوس –بزمانه- بشوفة بنت لابسة نضارة..)
لكان قولت لي: بيشو شكل لجنة لتفصيل دستور.. إيه حط بالخرج ياه.. ولشوف شو بده يوسع هالخرج ليوسع..
يعني شكله الدكتور "بيشو شو" مفكر إنه الشغلة بسيطة.. وإنه عندنا شوية وجع راس عالماشي.. وانه الدستور الجديد حبة سيتمول منشربها مع كاسة د.. مية.. مية  بيمشي الحال.. وبعدها (حط بالخرج)
وكأنه هال.. قصدي هالمعلم مفكرنا الحمار بهالموضوع!!!
يعني هو صحيح نحن إلنا أربعين سنة حاملين الخرج ع ضهورنا.. ومن تم ساكت.. بس هو بيعرف شو يعني كلمة معلم بالسوري الفصيح.. وإذا لهلق ما بيعرف!!! هون المصيبة!!!
وكأنه بهالأربعين سنة كانت مشكلتنا بالدستور الحالي (دستور من خاطرك يا ..)
يعني هو صحيح دستور كان مفصل على مقاس صباط حافظ تمام.. وعاطي صلاحيات- ما أنزل الله بها من سلطان- لرئيس الجمهورية.. ومحتكر الحياة السياسية للمرحوم حزب البعث وذيله القصير (الجبهة الوطية).. بس كمان الدستور –تبعهم- بينص على الحريات العامة الأساسية.. وأولها عدم جواز استخدام التعذيب أو معاملة أي مواطن معاملة مهينة او غير لائقة.. وهدا طبعا بعد عدم جواز توقيف أي مواطن إلا بأمر قضائي.. وعدم جواز اقتحام البيوت أو التنصت..أو.. هدا قيمك عن موضوع حرية الرأي.. وحرية العمل النقابي وتشكيل الجمعيات.. وحرية النشر.. واستقلال القضاء.. ومساواة المواطنين أمام القانون.. والعدالة الاجتماعية.. والملكية العامة لوسائل الإنتاج..
وضيفوا لي على كل هدا: إنه سورية وقعت على كل اتفاقيات حقوق الإنسان الدولية.. من العهد الدولي لحقوق الإنسان الأساسية.. لاتفاقية حقوق الطفل.. للعهد الخاص بحقوق المرأة.. إلخ.. وكل هي الاتفاقيات بتنص بأخرها بأنها في حال التوقيع عليها بتصير متل جزء من دستور البلد الموقع..
طيب وين راح كل هدا يا بيشو؟؟؟؟؟؟؟؟؟
انحط بالخرج!! طيب وين الخرج؟؟؟ على الحمار!! و وين الحمار؟؟؟...
قلت لكم ما بدنا كلمة دستور، هي بتفتق لنا جروحاتنا كلها.. ما صدقتوني!!  
هلق منين بدكم تجيبوا خرج جديد يوسع الدستور الجديد اللي اللجنة العتيدة رح تقعد تنقش فيه أربع شهور كاملة..
طيب: بالآخر يعني، شو طلع معنا نتيجة؟؟
النتيجة: في عندنا أربع إجابات وسؤال واحد.. ووسائل المساعدة (1- حذف ثلاث إجابات.. 2- الاستعانة بصديقين)
الإجابات: 1- الشعب السوري 2- الدستور الجديد 3- الخرج 4- بشار الأسد ونظامه
وسؤال المليون: وين الحمار بالموضوع؟؟!!

 


12‏/10‏/2011

سؤال.. وصدى


زينب كانت وردة حمراء 
وأنا كنت غرابا أسود يحثو التراب على جثة أخيه
ليعلمه معنى السلمية
زينب كانت غيمة بيضاء تأبى أن تمطر
وأنا أرض عطشى تشققت من طول الجفاف
تنتظر زينب صوت استغاثتي
وأنا انتظر دموعها
والزمان يمد جناحيه بيننا بدون حدود
زينب كانت حمامة تنوح قرب نافذة أبي فراس الحمداني
وأنا كنت في الزنزانة المجاورة.. لكنها لم تراني
لم استطع الصراخ.. كي لا يسمعني الجلاد
ويطلق طلقته الأخيرة على صوت اليمام..
ليكسر ضجر الزنازين المتحجرة
زينب هربت قبل بزوغ الفجر..
وأنا كنت أحاول إزاحة بقايا الظلمة
لبست قبعة الإخفاء الأسطورية
كي لا يخطفها الشبيحة
وأنا أتمدد على أرض الزنزانة مذبوحا
زينب طارت مثل فراشة.. تسعى للنور ولا تخشى النار
وأنا يسكنني البرد ليل نهار
جاءت زينب في الليل إلى المشرحة خلسة
جاءت متخفية تبحث عن جثتي في الثلاجة
كنت أناديها بصوت خافت..
لم تعرفني من بين القتلى
أو ظنت أني مختبئ.. وأننا نلعب (طميمة)
لم تسمع صوتي.. وجاءوا فجأة
زينب خافت.. واختبأت في إحدى الثلاجات
واستلقت قربي على بعد نظرات
أحاول أن أتغلب على موتي..
أحاول أن أمسك يدها المبتورة
وكانت أجمل.. أجمل من كل مرة
زينب صارت قطعة (دندرمة) حمصية
وأنا طفل يبكي من أجل قطعة (دندرمة) شهية
*  *  *
زينب جاءت أواخر الربيع ثمرة يانعة
وكانت أسناني متهالكة منخورة
أربعة عقود لم استعمل فيها فرشاة الأسنان
أربعة عقود بلا شمس أو نور
وهن العظم مني.. واشتعل القلب شيبا
في ظلمة الزنازين الأثرية..
كادت تنفذ أحلامي.. وكاد يتساوى النوم مع الموت
أصحوا منتصف الليل على وقع خطوات جذلى
هاربة من بين الأموات
يغمرني فرح بارد..
يغمرني صدى أصوات الحرية
تضيع زينب في الزحام .. بين الصرخات
وتذهب كل صباح لتضع على قبرها باقة ورد جورية
وذات مساء..
تظهر زينب على شاشات التلفاز.. تقرأ ورقة نعوتها
وأنا أبكي.. أبكي
زينب  تحدق في لا شيء.. وتعد أصابع كفيها مرارا !!
وأنا أضحك..
زينب تدقق بيانات هويتها.. كأنها تراها لأول مرة
هل أنت زينب ؟؟؟
لم تسمع صوتي ثانية
ألملم أشلائي.. ألملم كل حبالي الصوتية..
وأصرخ من تحت ركام الزلزال.. أصرخ: زينب..
زينب، هل أنت حية ؟؟!
لاذت بالصمت
زينب هل أنت حية !؟!
لاذت بالدمع
زينب هل أنت حية !!؟
لاذت بال..
وأنا أبحث عن حنجرتي المقطوعة لأعيد رسم علامة الاستفهام




10‏/10‏/2011

الرمز والطاقة الرمزية في الثورة السورية ج 3


تناولنا في الجزئين الماضيين الرموز الأكثر تأثيرا (طل الملوحي، حمزة الخطيب، إبراهيم قاشوش، غياث مطر..) ولكن أيضا كان هناك اسماء أخرى أثرت بدرجات مختلفة أو في مراحل معينة.. في رأسهم السيدة سهير الأتاسي وهي سليلة أسرة عريقة في التاريخ السياسي السوري.. وابنة مناضل قومي كبير.. والأهم انها ابنة حمص (عاصمة الثورة السورية).. تستحق لقب قديسة الثورة لأنها حملت الجذور الجميلة منذ الاعتصام المفتوح برفقة مجموعة من الشباب والشابات تضامنا مع انتفاضة الأقصى وما كان فيه من وسائل سلمية معبرة مثل لصق الأفواه تعبيرا عن تأثير القمع في تقصير الشعوب العربية في نصرة قضية فلسطين.. وكذلك ربط السلاسل.. وإشعال الشموع، وهو التعبير الذي استمر في حركة سهير اثناء الحرب العدوانية على غزة، وفي اعتصامات التأييد للثورة المصرية.. أما في المظاهرة -الصغيرة عدديا - أمام السفارة الليبية عند انطلاق ثورتها والتي أثارت جنون النظام وتعرض المشاركين فيها ومنهم سهير للاعتداء اللفظي البذيء.. وفي المظاهرة الانتحارية التي تمت أمام وزارة الداخلية في 16 آذار 2011 للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين.. وتعرضت سهير للاعتداء بالضرب واعتقلت على أثرها.. وقد ظهرت بعد الافراج عنها في عدة فيديوهات مؤثرة.. فهي أحد أهم رموز الإصرار والاستمرارية.. والسلمية
الفتاة التي ظهرت بجاكيت كحلي وإشارب أبيض تلف على كتفيها علم سورية في فيديو من أشهر ما انتجته الثورة لأنه كان البداية الحقيقية يوم 15 آذار بعد عدة دعوات فاشلة..
كانت مجهولة يومها لمعظم السوريين وكانت توصف بذات الجاكت الكحلي في الادبيات الأولى وقد أطلقت عليها لقب (ست الشام) في مقالي الثورة السورية والمجاهيل.. والآن تطلق عليها بعض المواقع لقب (زهرة سورية) لأنها كانت بداية الربيع..
أعاد اعتقالها منذ اسابيع إنعاش ذاكرة السوريين ببدايات هذه الثورة مما يؤكد أنها أصبحت رمزا مهما وستبقى مرتبطة بلحظة الولادة
وعلى ذكر الولادة والحمل يحضر إلى ذاكرتنا يوم 16 آذار ومظاهرته خارقة الشجاعة.. يومها توارد نبأ اعتقال امرأة حامل من ضمن من اعتقل ثم علمنا لاحقا أنها السيدة ميمونة العمار زوجة الناشط أسامة النصار وابنة الناشط الدكتور محمد العمار.. فكان هذا الجنين أصغر سجين في تاريخ هذه الثورة وصار أسير المحبسين.. وفي هذه الثنائيات العجيبة ان زوجها ووالدها قد اعتقل كليهما مرتين خلال الثورة.. فهذه عائلة تستحق ان تكون من رموز الثورة ومن قصصها التي تروى..
ليلة 14 آذار بث على الإنترنيت فيديو لشاب يدعوا للخروج والتظاهر على نفس منوال الثورة المصرية.. وكانت الشجاعة أنه ظهر بصورته دون اي محاولة للتمويه او التخفي وعرف باسمه الكامل (فهد .. النجرس ) وأكد انه يتحدث من داخل سورية.. وكان واضحا انه يعلم تماما ماذا قد يكون ثمن ذلك ولكنه يقدم عليه ويتمنى حتى في حال اعتقاله او تصفيته ان لا يدعو ذلك للتأثيرعلى معنويات الشعب ومطالبته بالحرية التي من المؤكد أن لها ثمن يجب دفعه.. وقد وجه نداءه لجميع فئات وطوائف الشعب السوري.. ودعا ابناء العشائر وقد عرف نفسه كابن لأحد الشيوخ أن لا يستكينوا لرأي الشيوخ المسيطر عليهم من قبل السلطة بطرق مختلفة.. وأن يخرجوا من إطار العشائرية إلى الوطنية..
لم يكن الفيديو محكما او احترافيا.. لكنه كان اختراق مهم على أكثر من محور معا ويستحق صاحبه وقفة تقدير غير قصيرة.. ويستحق لقب (فارس الثورة)
سندريلا الثورة السورية.. الفتاة التي أضاعت شحاطتها أثناء اعتقالها في المظاهرة التي تمت في ساحة عرنوس في قلب دمشق وظهرت في الفيديو الشهير الذي ابدى مدى العنف والامتهان من قبل القوى الأمنية أثناء الاعتقال وقد كان اول فيديو مصور بكاميرا مخفية من مسافة قريبة وواضحة.. وقد عرفنا أنها الناشطة النسائية ملك الشنواني
وكانت الأهمية في ذلك الحدث.. أنه أكد اختراقين مهمين في رواية النظام التي كانت حريصة عندها على التأكيد على خلو دمشق من أية حركة.. ومحاولة لحصر الاحتجاجات بفصيل يصفه بالتطرف الاسلامي.. وقد أثبت الزمن تهاوي رواية النظام وأمانيه.. وأوهامه
مي إسكاف كانت غائبة عن الساحة الفنية لفترة طويلة لأسباب كانت غير معلومة قبل انكشاف الستار.. وكانت أول معتقل طوعي في الثورة حيث أصرت على ركوب الحافلة التي اعتقل فيها ثلة من الفنانين والمثقفين في بداية مظاهرة كانوا يعتزمون اقامتها في الميدان.. وقد حاول الشبيحة الاعتداء عليها اثناء اطلاق سراحها من قصر العدل.. ورغم غيابها عن المشهد فإن ذاكرة الثورة لن تنسى هذا الاختراق في ظل محاولة حثيثة من النظام لاستغلال الفنانين في حربه المفتوحة على الشعب.. وهو ما ساهم في سحب هذا السلاح من يده عندما ادرك انه سلاح فاشل وان كل ما قاله كل الفنانين الشبيحة ليل نهار لم يعادل تأثير كلمات من مي اسكاف أو أغنية لسميح شقير عنوانها حفر في قلوب السوريين (يا حيف.. يا حيف) لتبقى ما دام فينا عرق ينبض تصرخ على الحرية الواقفة على الباب
مشعل تمو أحد قادة الأكراد.. اغتيل اول امس.. وبدفعه حياته نال الشهادة والمجد.. وأصبح من رموز الثورة الملهمين.. لقد وحد استشهاده قلوب السوريين عربا واكراد.. وأعاد طرح القضية الكردية في اطار الثورة السورية وهي احدى اركانها واحدى مهماتها في آن معا
كذلك هناك الكثير من الرموز اللذين أثروا في مسار هذه الثورة ودفع مسارها سواء على المستوى العام أو على مستوى محلي ومازالوا يمارسوا هذا التأثير.. ولابد لنا من عودة مرة أخرى لهذا الموضوع بعد سقوط النظام لنذكر بعضهم لأن ذكرهم الآن قد يشكل خطرا على حياتهم أوأمنهم
يتبع بعد سقوط النظام


08‏/10‏/2011

الرمز والطاقة الرمزية في الثورة السورية ج 2


بعد اطفال آذار درعا اللذين كانوا الصاعق المفجر لحركة الاحتجاج والمحفز لتوسيعها.. وبعد جمعة الكرامة وعدة جمع أخرى جاءت حادثة تسليم جثة الطفل حمزة الخطيب لذويه وعليها آثار تعذيب وحشي وتمثيل بجثته و مؤكد أن رسالة النظام وأجهزته الأمنية كانت واضحة: بأن التعذيب والتنكيل سيكون بلا قيود وبلا حدود إذا ما استمرت الحركة الاحتجاجية، و أنها لن تستثني كبيرا ولا صغيرا..
لكن سياسة العلاج بالصدمة الذي اتبعته الاجهزة الامنية جاء بنتائج عكسية تماما فالرسالة المعاكسة من الشعب كانت الاصرار وبعد حادثة هاجر الخطيب وسامر الشرعي وغيرهم جاءت جمعة أطفال الحرية التي كانت نقلة نوعية في مسيرة الثورة من حيث التوسع العددي والجغرافي.. واصبح حمزة الخطيب احد ايقونات الثورة وصوره الاكثر انتشارا وتأثيرا على مواقع التواصل الاجتماعي..
ودخلت حماة على خط الثورة متأخرة عن المتوقع.. واسمها وحده يحمل من الطاقة الرمزية والتأثير في الوجدان السوري ما لا يمكن وصفه.. ومع دخولها المشرف الذي تصاعد بسرعة خارقة لتصل لمظاهرات تعد بمئات الآلاف.. واثناءها ظهر شاب يترنم بأهزيج متميزة تناولت مثلث الشر (بشار، ماهر، آصف) بشكل مباشر وبسخرية لاذعة.. ولم يكن معروفا آنذاك.. وبعد أيام وجد مقتولا على ضفة العاصي وقد جزت حنجرته.. عندها عرف العالم إبراهيم قاشوش الذي أصبحت أغانيه ملازمة لكل فعاليات الثورة وصار ملهما للعديد من الشباب في كل المحافظات.. وفي غضون ثلاثة أيام من استشهاده أصبح اسم إبراهيم قاشوش الكلمة الأكثر بحثا على محرك غوغل على مستوى العالم.. مما يؤكد أن مستوى تأثيره ورمزيته قد تجاوز المستوى المحلي والعربي.. لقد دفع حياته ثمنا ليكون الرمز الأهم  والأجمل للثورة السورية..
كانت مدينة داريا في ريف دمشق منذ بداية حركة الاحتجاجات متميزة من حيث التنظيم واللافتات.. والأهم هو الإصرار على السلمية والحضارية في الطرح والتعبير رغم القمع العنيف.. وكانت مشاهد توزيع المياه والزهور للجيش كافية ان تجعلها رمزا لسلمية هذه الثورة.. ولكن لم تنل هذه المدينة المناضلة نصيبها من الطاقة الرمزية حتى استشهاد البطل غياث مطر.. تحت التعذيب في فرع المخابرات الجوية.. وبما ناله من اهتمام شعبي وعالمي وصل لدرجة حضور أربع سفراء لعزاء اهله.. وحجز مساحات مهمة في الإعلام العالمي وتقارير المنظمات الدولية فأعاد تسليط الأضواء على نضال داريا وريف دمشق وكل مدن سورية الثائرة.. وأصبح اسم غياث مطر رمزا حقيقيا لسلمية الثورة السورية وحضاريتها.. وأعاد فتح ملف التعذيب في أقبية العصابات المسماة بالأجهزة الأمنية على مصراعيه..
زينب الحصني: قصة سيرويها التاريخ.. ففي البداية كانت حمص!! تلك المدينة الوادعة التي ابدت خلف رقة ملامحها إصرارا غير محدود على نيل الحرية لنفسها ولوطنها كله مهما كانت التضحيات.. وقدمت ما لا يمكن لأحد ان ينكره.. واستطاعت ان تتجاوز كل الافخاخ التي نصبت لها، وفي رأسها الفتنة الطائفية..
وذات يوم من الأيام تصحو على فاجعة بتسليم جثة فتاة مقطعة ومشوهة لآل الحصني على أنها ابنتهم زينب ودفنت في جنازة تحت وابل الرصاص الشبيح.. وقد فعل هذا المشهد فعله الرمزي الكبير حيث أصبحت زينب رمزا لهمجية ووحشية نظام مجرم ورمزا لمساهمة وتضحيات المرأة السورية في هذه الثورة.. ونالت نصيبا واسعا في الإعلام واهتماما كبيرا من المنظمات الإنسانية.. وكانت قوة دافعة مهمة في مرحلة حساسة من الثورة كان النظام يحاول بكل قوة أن يروج لفكرة أن الثورة قد دخلت مرحلة الأفول..
وبعد أسابيع.. عرض التلفزيون السوري مقابلة مع فتاة يدعي انها زينب الحصني وانها حية ترزق.. وقد حاول تسويقها على انها ضربة قاسمة لمصداقية كل الأخبار التي أذيعت وبثت عن سورية سابقا (عبر قنوات ومواقع التحريض حسب وصفه)
ولكن زينب وقصة زينب أخذت منحا رمزيا جديدا أكبر تأثيرا وعمقا في دلالاته.. ففي المرحلة الاولى كان الرمز والطاقة الرمزية عاطفية في الدرجة الاولى.. أما المرحلة الثانية فقد فتحت أبواب الأسئلة الكبرى..
كيف يمكن احتمال او التعايش مع هذا النظام الذي يستهتر بأرواح ومشاعر المواطنين بهذا الشكل المريع!!؟ وكيف يمكن أن يزور كل شيء بهذه البساطة!!؟
شهادة وفاة.. شهادة حياة.. شهادة جنون.. ومصير مجهول!!..
 همجية.. قسوة.. فساد.. استهتار.. حماقة.. سوء إدارة.. مواصفات حكم بها هذا النظام سورية خمسة عقود لم تعد قابلة للزيادة حتى لأسابيع
لقد أصبحت زينب الحصني ميتة اوحية رمزا لحياة شعب قاسى مرارة الاستبداد عقودا وقد أراد الحياة والحرية
يتبع

07‏/10‏/2011

الرمز والطاقة الرمزية في الثورة السورية ج 1


ان أي ثورة أو حركة سياسية تكون في أمس الحاجة إلى رموز وطاقة رمزية دافعة تستطيع ان تخلق الإلهام.. وتستطيع ان تحرك مشاعر الجماهير و أقدامهم سيرا إلى الأمام وصعودا إلى الأعلى في مسيرة الحركة أو الثورة..
وكلما زادت الرموز أو ازدادت الطاقة الدافعة لها تكون أكثر فعلا وتأثيرا..
ففي الثورة المصرية كانت الطاقة الرمزية لحادثة الشاب خالد سعيد من أهم عوامل التعبئة.. وكانت الطاقة الرمزية لحادثة البوعزيزي الصاعق المفجر للثورة التونسية.. وفي حين تفتقر الثورة اليمنية –على عظمتها- لمثل هذه الطاقة الرمزية، فإن الثورة السورية هي الأغنى والأزخر.. وربما يرجع ذلك لسببين: أولهما: الظروف الصعبة التي انطلقت وسطها هذه الثورة.. وثانيهما: حماقة النظام.. فكما قال احد الثوار المصريين ان اهم عامل من عوامل نجاح الثورة المصرية كان حماقة النظام.. وكما قال الشاعر:
لكل داء دواء يستطب به   الا الحماقة اعيت من يداويها
ان اول رموز الثورة السورية كانت طل الملوحي المدونة الشابة التي اعتقلت قبل اشهر من الربيع العربي.. ولسبب غير معلوم وبحماقة لا متناهية قام النظام وأجهزته الأمنية بالذهاب في الموضوع إلى الحدود القصوى.. بتحويلها إلى قضية عمالة لدولة معادية.. وطرزوها باتهامات تمس العرض والشرف.. مما حول الفتاة من مدونة معروفة على مستوى محدود بين الناشطين على الانترنيت الى قضية رأي عام تطال موضوع الحرية وحرية الرأي والنشر.. واستقلال القضاء.. وأصبحت طل معروفة وتقرأ من قبل قطاع واسع من السوريين، واصبحت رمزا للحرية وملهما لجيل كامل من الشباب الذي فتح عينيه على معطيات وتقنيات لم تكن متوفرة لمن قبله من الاجيال
 وأصبحت سورية بين العواصف.. جاءت قضية أطفال الحرية في درعا.. التي كانت الصاعق الذي فجر براكين الغضب المتراكم لعقود.. وإذا كان البعض حاول في البداية ان يصوره على انه خطأ شخصي من عاطف نجيب فإنني أكد أجزم أن ذلك كان سياسة الأجهزة الأمنية باتفاقها مع النخبة الحاكمة في دائرتها الضيقة.. ولو كان غير ذلك لوجدتم عاطف نجيب الان إلى جانب الزعبي وغازي كنعان وقائمة المنتحرين بثلاث رصاصات في الرأس..
ولكن اعتقد ان الخطة التي اجمعت عليها الأجهزة الأمنية هي توجيه ضربة قاسية جدا – أكثر من المعقول- بحيث تقطع الطريق على أية محاولة للتغير خارج إطار الحدود التي رسمها النظام.. ولم يدر في ذهنهم أي خاطر بأن تذهب الأمور إلى ما ذهبت إليه من بعد.. وربما اقصى ما كانوا يتخيله انه ممكن استجرار منطقة او مجموعة لمواجهة مبكرة قبل اكتمال او نضوج حركات او اطر تنظيمية تستطيع قيادة او تنسيق حركة احتجاج واسعة ومن الواضح من أداء النظام في الأيام الأولى الثقة المفرطة لديه على حصر الموضوع وانهاءه.. ولكن كان ما كان وتحول أطفال درعا إلى رمز ذي طاقة هائلة أشعرت قطاعات واسعة من الشعب السوري بالخوف على المستقبل في ظل هذا النظام وهو الذي مكن من نقل الاحتجاج خارج حوران وستبقى الثورة السورية مدينة لكلمات نقشها أطفال الحرية على جدار التاريخ
يتبع