29‏/06‏/2011

قفا النظام


(إننا نحن المثقفين سلطة ظلّ.. شاغلها الأساسي أن تصبح سلطة فعلية، أو أن تنال فتاتا في السلطة الفعلية، إننا قفا النظام ولسنا نقيضه أو بديله، ولهذا ليس لدينا طروحات جذرية ولا آفاق مختلفة، والمراوغة تطبع عملنا، وتشكل جوهر سلوكنا، يا للخيبة! ويا للحزن!)
 هذه الكلمات للراحل سعد الله ونوس قالها منذ زمن طويل ولكنها تنطبق اليوم انطباقا تاما على المجتمين في فندق سميرأميس في دمشق فيما يسمى حوار وطني لإيجاد مخرج للوطن حسب زعمهم في حين أن الحقيقة أنهم سيحاولون إيجاد مخرج للنظام.. إنهم يسعون حقا ليكونوا قفا النظام بل فوهة القفا التي سوف تساعده على إخراج الفضلات التي تراكمت في أمعائه ليهضم ما ارتكبه من جرائم قتل وتعذيب واعتقال واغتصاب وسرقة وتدمير للمتلكات..
للأسف أن منهم أسماء قد تبدو لنا أنها أسماء كبيرة أو مهمة.. لكنها حقيقة بلا مضمون.. ومازالت تسكنهم وتحكمهم نفسية الإنسان المقهور.. والتي لا تستطيع تصور الحرية إلا كحلم أو بحث نظري يقرأ في سطور أو صفحات.. لكن لا يستطيعون أن يعيشوها كواقع فعلي.. إنهم يذكروني بقصة زكريا تامر عن العصفور الذي سجن طويلا في قفص وكان يحلم دائما بالحرية وعندما جاءت الفرصة وفتح باب القفص.. وأخرج رأسه ليرى الفضاء الفسيح شعر بالخوف.. وعاد مرتعشا متمسكا بقضبان قفصه..
طبعا ليس هذا طبع العصافير التي تنطلق إلى الفضاء الرحيب لحظة فتح الباب دون تفكير ووضع الاحتمالات التعجيزية (من أين ستحصل على الغذاء؟؟ كيف ستتفادى الجوارح والاخطار؟؟ وآلاف الأسئلة..) فالحرية بالنسبة لها أهم وأغلى وتستحق المخاطرة.. لكنها لو كانت مثل مثقفي سعد الله ونوس لكانت عقدت مؤتمرا قبل الخروج من القفص.. يا للخيبة ويا للحزن كما قال ونوس ويا حيف كما قال سميح شقير
ويا للعار كما تصرخ الطيور التي خرجت من القفص.. يا للعار على كل من يرتضي على نفسه واسمه وتاريخه أن يكون قفا النظام، ومتى!!؟ عندما أصبح قفاه مكشوفا مثل قفا العنزة وليس مستترا كما كان مثل قفا الغنمة
فالإصلاح الذي سوف يسمح به النظام هو على هذا الشكل تماما أي يمكنه أن يحولنا من غنم إلى ماعز..  ربما نأخذ ميزات أكثر .. ربما.. لكن في النهاية نبقى قطيع وهو الراعي وكما حدد تصوره وليد المعلم في مؤتمره الصحفي: القافلة تسير والكلاب تعوي
أخيرا وبعيدا عن الألفاظ الحيوانية التي اقتضاها الموقف.. قد يقول البعض هناك استثناءات فعن نفسي أقول: على مبدأ مظفر النواب (لا استثني أحد) ولكن إن كان فعلا هناك من لديه قصور لهذه الدرجة وظن أنه يقدم شيئا مختلفا فهو يذكرني بأحد أفلام محمود عبد العزيز كان يمثل فيه دور مطرب وأراد أن يقدم شيء مختلفا فتساءل لماذا يغني الجميع للوجه.. فألف أغنية مطلعها يا قفا.. يا قفا

جحا الدمشقي

هناك تعليق واحد: