في كتابه آفاق الثمانينات يلخص الكاتب حسنين هيكل زيارتين متتابعتين للاتحاد السوفياتي آنذاك والولايات المتحدة ويعبر عن بالغ دهشته مما كان يشغل عقل القيادتين في مرحلة تؤسس لعقد جديد في عالم مضطرب.. ففي الأولى –التي كانت تبسط نفوذها على مساحة كبيرة من العالم- كان معظم ما سمعه من المقربين من دائرة صنع القرار كان في إطار الصراعات الشخصية بين الرؤوس الثلاثة للدولة العملاقة.. في حين ينحشر العالم بكل اضطراباته ومشاكله و أزماته في هامش ضيق
أما في الثانية فكان البيت الابيض ورئيسه كارتر مشغولا بحملته الرئاسية، وأكبر همه كان، هل سوف يرشح روبرت كنيدي نفسه في مواجهته وهو من نفس حزبه "رغم ان هذا مخالف للعرف الامريكي في دورة التجديد"
ويذكر هيكل: أنه سعى الى لقاء صحفي شهير مقرب من كنيدي ليعلم إذا كان حقيقة أم إشاعة فأجابه أن كنيدي لم يحسم أمره بعد، وهو يعتقد أن وزنه الزائد قد يحول دون وصوله للبيت الأبيض، فإذا أراد الترشح سوف يبدأ ريجيم قاسي وسوف يمتنع عن الأيس كريم المغرم به!!!
ويتسآل هيكل في نهاية كتابه –بعد كم هائل من التفاصيل- أي عالم سترسمه دولتان الاولى غارقة الدسائس والمكائد بين قادتها لمجد شخصي.. والثانية تبدأ حملتها الرئاسية بالامتناع عن الأيس كريم!!!
وما أشبه اليوم بالأمس.. عالم يموج بالاضطرابات.. وبوتين يعود بمسرحية و لمجد شخصي يحاول أن يرسم دورا لروسيا كما هي في تصوره الذهني.. وليس كما هي الحقائق الجيوسياسية والاسس الإستراتيجية..
وحملة رئاسية حامية في الولايات المتحدة تركن العالم على الهامش.. وتبدأ بقضية زواج المثليين جنسيا!!!
فأي عالم يمكن أن ترسمه هذه الأقطاب الرئيسة؟؟!!
وحتى الأ قطاب الثانوية اوالمقترحة.. فمن قارة عجوز اصبحت عاقرا، وقد بلغت من الكبر عتيا، وما تزال تأمل أن تنجب من يرثها.. أو ينطق من كان في المهد صبيا!!!
الى بلد المليار وكم مليون بني آدم، وأضحم نمو في التاريخ، وأكبر فائض نقدي في العالم.. وأكبر أسفنجة لامتصاص الاستثمارات الدولية.. ومع كل هذا ترتعد مذعورة من رجل كفيف.. كالفيل الضخم الذي يرتعد من الفأر!!!
إلى دول البريكس التي اسيقظت على حلم دور في رسم خرائط العالم دون أن يكون لديها أي معرفة به وبمشاكله خارج إقليمها الضيق وتصوراتها المسبقة!!!
فأي عالم تريد الثورة السورية أن تستنجد به!!! أنه عالم متناقض ظالم ضيق الآفاق..
هل سمع أحدكم أن النظام الدولي والأمم المتحدة منذ تأسيسها قد نصرت مظلوما.. أو أوقفت حربا أهلية أو إقليمية إلا بعد خراب مالطا !!! هل انقذت الجوعى والمرضى أو اوقفت استغلالهم..
فكما قال الراحل بشار: هي لعبة نلعبها ولكن لا نصدقها.. وهذه عبارة صحيحة مئة بالمئة.. ولكن أن يقولها رئيس جمهورية –سابق- هو خطأ مئة بالمئة
لذلك أقول لكم: يا أبناء شعبي العظيم.. دعكم من العالم ذو الأفق الضيق وانظروا في أنفسكم وفي مكامن ثورتكم فهناك آفاق واسعة ستغير معادلات العالم وتفتح له آفاقا جديدة
وأنا لست أبالغ في التقدير.. لكنه عالم هش.. وقد تثبت لكم الأيام ذلك
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق