16‏/06‏/2012

الثورة السورية والثورة المصرية وقفطان جحا

بعد نجاح الثورة المصرية في مرحلتها الاولى بخلع فرعونها، وقبل انطلاق الثورة السورية المباركة كنت اتناقش مع صديق عن إمكانية قيام الثورة في سورية.. فقال لي: إذا قامت الثورة في سورية فإنها سوف تكون كئيبة لأننا شعب جدي زيادة عن اللزوم.. ولن يكون فيها طرافة وظرافة الثورة المصرية، وان هذه الطرافة والكوميدية تساعد على تجاوز المواقف القاسية التي تمر بها كل ثورة..
بصراحة كان هو من ألبسني قفطان جحا وعمامته دون أن يدري ودون أن أقصد.. ولكن كان لدي قناعة داخلية بما قاله فلبست الدور ولست أدري ان كنت قد احسنت صنعا أم ضيعت جهدا ووقتا
بالمناسبة وبما أن الشيء بالشيء يذكر فقد علق صديق لي مصري -ظريف بطبعه- على حكم المحكمة الدستورية العليا من يومين بقوله: "لبسونا السلطانية"
و أنا أجبته: ما تزعلش يا عم كلنا بنلبس "طبعا بالمصري لها معنى آخر"
كنا نظن في البداية أن الثورة المصرية قد نجحت وأنهم قد تركوا "الشقى لمن بقى" وإذا بنا "كلنا في الهوا سوى" أو كلنا في الهم شرق على قولة الشاعر
هكذا انهت الثورة المصرية مرحلتها الأولى فوق طوفان من النكات والأغاني والكريكاتورات وانطلقت الثورة السورية من درعا وكانت كما توقع صديقي مليئة بالكآبة، حيث وُجِهت بالرصاص الحي منذ اليوم الأول وسيل من الدماء..
وكنت وقتها أشعر أني وحدي أحاول تلطيف جوها بالكتابة الساخرة فكانت أول مفارقة قبضت عليها من كلمتين "الموت بالرصاص الحي" لما تحمله من حقيقة وتناقض وسخرية مرة تضحك وتبكي في آن معا فكانت حتى سخريتنا كئيبة لدرجة لا تستطيع أن تغطي ألم القتل اليومي
ثم تنقّلت الثورة في محطاتها من بانياس إلى داريا إلى دوما إلى حماة.. حتى استقرت في حمص، وعندها تغير وجه الثورة، فرغم ازدياد العنف وعدد الضحايا فقد استطاعت رسم البسمة على وجوهنا ووجومنا بسيل من النكات والأغاني أغزر وأقوى من سيل الدم.. وجعلت للموت بالرصاص الحي طعما ولونا آخر.. وحتى أنا لم أجد لي مكانا وسطها فصارت كتاباتي أكثر جدية عندها بالأخص أن عدواها انتقلت لكل المحافظات الثائرة
ولكن حمص بقيت غير!!  فحتى فوق الدمار الذي يعم كل أحيائها والاستعداد لاجتياحها عسكريا كتب صديق حمصي ساخرا: "اشتركنا في الثورة حتى ما يبقى الشوام يتمسخروا علينا.. فصاروا هلق يترحموا علينا.. يا ريتنا ضلنا ع الأولانية"
بينماعلق صديقي المصري قائلا: بالمرحلة الأولى كان النظام يقتلنا ونحن نتمسخر عليه.. ودلوقتي بقى بيقتلنا وبيتمسخر علينا كمان
قلت له: طيب سيبك من الهزار دلوقت وقل لي: انت حتنتخب مرسي والا شفيق؟
جاوبني: لو انتخبنا مرسي حيلبّس النسوان طرح والرجالة جلاليب قصيرة.. ولو نجح شفيق حيلبّس الرجالة طرح والستات جلاليب قصيرة.. و أنا صوتي في جيبي.. سيبك مننا  يا راجل ده إحنا بنهزر خلينا فيكم انتو؟؟
قلت له: إحنا النظام بيلبسنا الأكفان ونحن تعلمنا منكم أنه نضحك ونغني و "مازال النيل يجري" على قولة اسامة أنور عكاشة، فمين مننا كسب المتش يا درش؟!
قال لي: إحنا طبعا.. ده إحنا بس حبينا نبهر العالم كله فشلنا النظام بتمنتاعشر يوم.. بس دلوقت هنبهروا اكتر لما نرجع النظام
طيب شلتوه لي يا باشا؟؟
بس شلناه ننضف تحته شوية.. ونرجعه تاني!!
قلت له: أما نحن لما نشيل النظام بعون الله حنلاقي البلد نضيفة خالص ما فيش حاجة.. ونبني البلد من الزيرو
ضحكنا معا.. وبكينا معا.. في وقت واحد
سيبكم من الهجص ده اللي بقى متلازمة مع الثورات العربية كلها من اليمن الى ليبيا..
بس اللي بدي قوله من بين هدا الركام من النكت أنه اللي لسى ما عرف أنه مصير هالثورتين ومصير هالبلدين مرتبط الى درجة الارتباط العضوي غير القابل للانفصال ومصير الأمة مرتبط بهما، فلازم يلبس قفطان وعمة جحا.. جحا الحقيقي مو جحا الدمشقي!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق