أربعون عاماً من التيهِ
في غربة الصحارى القواحلِ
أربعون عاما من التيهِ
لا ظل يجمعنا
لا حلم يجمعنا
لا أرض تحملنا
لا سقف يظللنا
سوى أرضيةِ البصطارِ القديمِ
أربعون عاماً في حَمْأةِ القيظِ
وصُبَّارةِ البردِ
جاثين على أقدامنا
في انتظارِ الوعدِ
الرملُ يعبر من خياشيمنا
جيئةً وذهاباً في عدِّ الوقتِ
ساعتنا متوقِّفةٌ
والزمنُ شبعَ من الموتِ
ورمينا حِلِينا طوعاً وكُرهاً
لصنعِ العِجْلِ
أخذتنا الرجْفَةُ
وخشعنا لخوارِ الثورِ الفحلِ
فتحنا أفواهنا الخاويةَ
لهطول المنِّ والسلوى
وبِتْنا جياعاً.. بلا مأوى
وصِحْنا يحيا الثورُ.. يحيى
ومرَّت أربعون سنةً عجافاً
تجرُّ الليالي أذيالها السوداء
لتمسح دماء القتلى
وتكتم صرخات الثكالى
تشفط دموع السجناء
وتسدُّ جراح الجرحى
ثم تمحُ ملامحنا
وتزيل حناجرنا
وتمسحُ ألوان جلودنا..
كي يغفر لنا الثورُ.. وعنا يرضى
تمحُ ذاكرة الماضي
آمال الحاضر
وأحلام المستقبل
وتمسح من المعجم
كل الكلمات الحرة
وتطمس كل الأشياء الحلوة
كي يبقى الثورُ.. ويحيى
وحدها ضحكاتُ الأطفالِ استعصتْ
وحدها صرخاتُ الأطفالِ استأبت
وفي ليلة آذارٍ حُبلى
اجتمع الأطفال بلا خطة
وصرخت حناجرها الغضة
"إجاااك الدووور.. يا تووور.."
فجاء ميعاد ربك يسعى
فنسفوه في اليم بصرخة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق